الرئيسية / المكتبة الصحفية / حظوظ 1952 التي لم تتكرر في 2011

حظوظ 1952 التي لم تتكرر في 2011

 

تاريخ النشر:٢٠١١/٩/٤ 

كانت حركة الجيش التى قامت فى 23 يوليو 1952 محظوظة إلى أبعد حد ومع ذلك فإنها فى مجمل تاريخها لم تستفد من حظوظها الخيالية.

وفى المقابل فقد كانت ثورة الشعب التى بدأت فى 25 يناير 2011 موعودة بالمعاناه القاسية ومع هذا فقد قدر لها الله أن تنتصر على هذه المعاناه خطوة بعد خطوة.
لا يستقيم الأمر بدون التأمل فى كثير من الظواهر التى تؤكد على هذه المقولة، واختصارا فإننا سنذكر العناوين مع الإشارات السريعة إلى ما توحى به هذه العناوين، وسنبدأ الأمثلة بالكيانات حديثا سريعا موحيا ودالاً فحسب، ثم نتحدث عن بعض الأسماء الرامزة كى يكون السيناريو واضحا:
(1) كثرة الكفاءات المتعددة فى القانون والاقتصاد والبلديات والعمل التنفيذى فى 1952..بينما تفتقد مصر فى 2011 إلى الكفايات فى ظل سيطرة روح الانكشارية والتحزب فى السنوات الأخيرة من عهد مبارك وليس أدل على هذا من مسخ الوزارات الشرفية والشفقية.
(2) سيطرة الصحافة القادرة على الانحياز للقضايا الوطنية.. فى 1952فى مقابل وضع شبه مأساوى فى 2011 سيطر فيه بعض رجال الأعمال على بعض وسائل إعلامية أسسوها لتتستر على فضائحهم بطريقة غير مباشرة .
(3) ازدهار روح المؤسسة.. التى كانت قادرة فى 1952 على الانتصار للثورة الجديدة، بينما هى فى 2011 حريصة على تعويق عمل الثورة.
(4) كيان الحكومة.. الذى كان فى 1952 قويا قادرا مرنا ذكيا مترابطا ذا مهابة، أما فى 2011 فقد وجدت الثورة نسيجا مهلهلا ضعيفا رخوا فاشلا فى كل شىء إلا النهب المنظم.
(5) إسماعيل شرين هو زوج أخت الملك فاروق، كان مقاربا فى السن للضباط الأحرار(وللملك بالطبع. لأن الملك فاروق نفسه كان أصغر من معظم الضباط الأحرار). كان اسماعيل شيرين رجلا وطنيا حاول أن يبصر الملك بمشاعر الشعب وبقيمة الوفد وبخيانة بعض أتباع الملك وإنتفاعهم لكنه لم يفلح، عينه الملك فى اليوم الأخير وزيرا للحربية فى محاولة للسيطرة، لكن إسماعيل شيرين بكى وهو يرجو الملك أن يأذن له كى يذهب لإحضار النحاس لإعادة الحكم إلى الأغلبية.
عاش هذا الرجل بعد ذلك حتى شارك فى اللجنة القومية من أجل طابا وعودتها.. لم يثبت عليه وهو (ابن الأصول) أنه أسهم فى السرقة والاغتصاب ولا التكسب والتربح على نحو ما كان القريبون من مبارك.. ولم يدفع بالملك إلى الفساد أو (موقعة الجمل) على نحو ما فعل أقرباء مبارك.. ولم يشارك لحظة واحدة فى أى فعل مضاد للثورة بل بالعكس، كان وجود ه فى عائلة الملك مثل وجود الضمير فى الملك نفسه.
ولم تجد الثورة فيمن كانوا حول مبارك واحدا.. ولا نصف واحد ولا ربع واحد من أمثال إسماعيل شرين وقد كانو كثيرين جداً.
(6)على ماهر باشا.. هذا القانونى المحنك الذى أتم فى 100 يوم فى سنة 1936 نقل السلطة من عهد إلى عهد ومن أقلية إلى أغلبية وأتم الانتخابات للبرلمان بغرفتيه وأنشأ وزارة جديدة كالصحة وإدارات كثيرة.
كان على ماهر مخلصا لفكرة الدولة، وللشعب، وللوطن، ولم يكن مثل الثلاثى نظيف، شفيق، شرف.. وهكذا أتم كل شىء برشاقة وأعطى الثورة مشروعيتها، وحل مشكلة خروج الملك فى 6 ساعات فقط هى كل مدة وزارته، ثم قبل رياسة لجنة الدستور فأعد دستورا عصريا عظيما ولقى الجحود من الثورة لكنه كان أكبر من أن يؤثر فيه الجحود.
(7) السنهورى باشا أبو القانون المدنى.. كان قادرا على أن يعطى الحركة الجديدة إطاراً قانونيا جعلها تبدو أقرب إلى الدولة منها إلى الانقلاب العسكرى، أو حكم العصابة، وكان يود لو واصل هذا الإخلاص، لكن غطرسة الثورة التى وجدت نفسها قوية بفضل جهوده ، جعلتها تعتدى عليه من أجل القضاء على صوته الداعى إلى صورة من الديمقراطية، ومع هذا فإن ما أنجزه السنهورى الثورة ما بين يوليو 1952 ومارس 1954 يبقى معجزا إلى أبعد الحدزد، وقد عاد بالخير على مصر التى حافظت على قوام الدولة الذى كان عرضة للانفراط على يد ضباط وشبان لا يعرفون معنى الدولة ولا القانون.
(8) سليمان حافظ.. وكيل مجلس الدولة الذى ألبس أفكار السنهورى وتشريعاته الثوب التنفيذى من خلال منصبه التشريعى فى مجلس الدولة، ومن خلال منصبه الوزارى وزيرآ للداخلية.
صحيح أن حقده على الوفد دفعه كما دفع السنهورى، وكما دفع فتحى رضوان، إلى الانتقاص من حقوق الشعب ،إلا أن جهده فيما عدا ذلك جهد مشكور يدل على عبقرية حقيقية وعلى وطنية صادقة.
(9) الشيخ أحمد حسن الباقورى.. الداعية العظيم الذى مارس السياسة قبل الثورة بقوة ورشاقة، وذكاء ومثالية ثم ها هو يعبر للثورة عن أمانى الشعب وعبر للشعب عن صدق أمانى الثورة ويجعل من الثورة والشعب وجدنا واحدا يقود إلى تغيير ونهضة مع التمسك بالثوابت والأصول، ومن الصعب أن تجد فى 2011 من يناظر الباقورى علما ووطنية لهذا تعانى من غياب الضمير الهادى، وإن أحاطتها ضمائر صادقة كثيرة ، ولكن افتقاد العلم الغزير، والثقافة الواسعة العميقة يبقى ممثلا لنقطة من الخط الضائع فى 2011 على حين كان موجودا بقوة فى 1952.
(10) عبد الجليل العمرى وزير المالية العتيد.. الذى عبر بثورة 1952 إلى بر الأمان، بل استطاع أن يحسن الاقتصاد والأداء المالى من خلال قرارات ثورية مبكرة حافظت للثورة على ميزان المدفوعات، والميزان التجارى وسعر الصرف بدون التخريب الذى أحدثه سمير رضوان مواصلا سياسات سلفه يوسف بطرس ، الذى مضى خطوات واسعة فى طريق إعلان إفلاس مصر تمهيدا لأن يشتريها،ويحولنا إلى عبيد له، وهو الذى لم يتورع عن التصريح برغبته فى إخراج الناس من أديانهم، وعلى حين رزقت 1952 بهذا الرجل المستقيم الواضح الكفء، الذى ظل وزيرا منذ بدايات 1952 وحتى أفلحت الثورة فىالقضاء على الديمقراطية فى مارس 1954، ففضل الابتعاد عن أن يكون رئيسا للوزارة فى عهد تغيب عنه الديمقراطية بوضوح.
ومع هذا كله فإن الثورة فى 2011 قادرة على الانتصار.

للعودة إلى بداية المقال إضغط هنا

شارك هذا المحتوى مع أصدقائك عبر :
x

‎قد يُعجبك أيضاً

أيمن نور للجزيرة مباشر: المؤرخ محمد الجوادي نموذج للمفكر المصري (فيديو)

نعى أيمن نور رئيس اتحاد القوى الوطنية المصرية، الطبيب والمؤرخ المصري محمد ...

WP Twitter Auto Publish Powered By : XYZScripts.com