الرئيسية / المكتبة الصحفية / لقاء باريس للمرة الأولى

لقاء باريس للمرة الأولى

د. حسين فوزي يصف لقاءه الأول بباريس

لعل أبرع استهلال لهذا الباب هو أن ننقل عن الدكتور حسين فوزي ما وصف به لقاءه الأول بباريس، وقد كان لقاء عاقلا علي الرغم مما أحاط به من شبق الشباب:

«وما إن اطمأن قلبي إلي البقاء في باريس حتي طفقت أبحث عن سكن حرصت علي ألا يبعد كثيرا عن الجامعة، وفي هذا تقول مذكراتي: «أريد أن أستقر في مكان لأعود إلي هدوئي الداخلي، وأبدأ حياة منتظمة».

«كان لقائي الأول بباريس مضحكا بعض الشيء، عندما اندفعت جماعة «الأحبا» ذات صباح عابس من محطة ليون إلي فندق صغير بالحي اللاتيني في شارع من أصغر وأقصر شوارع الحي، ومازلت أذكر ليلة حاولت العثور عليه، فدرت حوله قرابة ساعة ما بين بولفار سان ميشيل وشارعي جي ـ لوساك، وسوفلو!».

هنا سكن سيجموند فرويد

«والفندق مازال قائما، وقد طالعت فوق بابه في العام الماضي (النص في كتاب «سندباد في رحلة الحياة» الذي صدر في سلسلة اقرأ في يونيو 1968) لوحة أظنها وضعت حديثا تشير إلي أن عالم التحليل النفساني سيجموند فرويد سكن في هذا المكان سنة كذا، والغالب أن قد حدث هذا فعلا في مستهل القرن».

رفيق الغرفة لم يعد في ليلته

«ومما ضايقني أن اضطرتنا صاحبة الفندق إلي مشاركة كل اثنين في غرفة، وكان من نصيبي فتي شامي لا علاقة له لا بالبعثة ولا بالتعليم، وقد نسيت الهدف من رحلته، لصق بنا منذ صعودنا إلي الباخرة ” الجنرال متزنجر” حتي بلغنا الفندق في باريس».

«وعندما جن الليل التأم شمل «الأحبا» وسرنا في الطرقات نشاهد مواكب الكاترينات، فإذا شريكي في الغرفة وقد رأي الشباب يهجم علي الفتيات لاختطاف القبلات، نزل كالجائع العطشان يقبل هذه وتلك ، ويسخر من تزمتي ووقاري!».

«عدت إلي غرفتي وحيدا، أحمل هم ذلك الرفيق الصفيق، عندما يعود من تجواله، وإذا به يدخل علي وأنا في أول إغفائي، ويغير ملابسه تأهبا للسهرة، ويزعق منفعلا: «كيف أنام في باريس والبلد ما بتريد تنام»، وطار إلي خارج الفندق، ولم يعد في ليلته، بل لم أر وجهه منذ ذلك الحين!».

أول درس للفنان محمود مختار في غربته

ونأتي إلي الزاوية الثانية التي من حقها أن تتقدم كل الزوايا، ولا تتأخر لأنها تعبر عن نظرة عميقة ناضجة عبر عنها الفنان العظيم محمود مختار ، وفي رأيي أن هذه التجربة تستحق منا بعض التأمل والتقدير وبعض التعلم الحقيقي، لأنها قصة وصول الفنان العظيم محمود مختار:

«كان سفري في أواخر عام 1911 مبعوثا من سمو الأمير يوسف كمال لدراسة الفنون الجميلة بعد إتمام دراستي بالقاهرة. وكنت لا أكاد أعرف من الفرنسية شيئا يذكر وقد أوصوا بي فرنسيا وزوجته كانا مسافرين معي. وكان ذلك من بورسعيد، ولي من العمر تسعة عشر سنة».

«ولما جاء الظهر ودقّ جرس الطعام سار الناس أفواجا، وكانت الباخرة كبيرة آتية من الهند، فتبعتهم فإذا بهم يجلسون إلي الموائد فلم أجد شجاعة من نفسي للجلوس إلي جانبهم إذ زعمت أنه ربما لم يكن لي في ذلك حق!… ورجعت أدراجي. وبعد ذلك سألني صاحبي الفرنسي: هل أكلت؟ فأجبته بالإيجاب!».

إدراك الخطأ الفاحش

«وكذلك لما جنّ الليل وكنت جائعا ودق الجرس نزل الناس أيضا فذهبت ورأيتهم فخجلت وتراجعت. فلاحظ رئيس الخدم ذلك فأجلسني في مكاني. وإذا إلي جانبي سيدة سألتني أن أقرب منها الخبز فأمسكت قطعة منه بيدي وأعطيتها إياها فوجدتهم يتبادلون النظرات ، وأدركت أنني ارتكبت خطأ فاحشا وكان يجب أن أمسك السلة وأقدمها كلها، وأن أري كيف يفعلون وأقلدهم، وهذا هو أول درس لي في غربتي. وهاتان حادثتان بقيتا في نفسي حتي اليوم».

«فلما جئنا مرسيليا أدهشتني خيولها الضخمة وبيوتها المرتفعة. وكنت في سكة الحديد بصحبة رفيق الباخرة”

محمود مختار يواجه باريس بسوء الظن

ويواجه محمود مختار باريس بشعور سئ فرضته عليه الرحلة لكنه سرعان ما يتخلص منه:

” ووصلنا باريس ليلا. فكان أول شعور نالني منها سيئا جدا. واتخذت مركبة ذات حصان واحد كانت مركباتنا (أي الحناطير المصرية) أحسن منها بكثير وكان لدي عنوان فندق صغير فاخترقت المركبة شوارع ضيقة وأزقة حقيرة من محطة ليون إلي شارع دوبان أمام باب «البون مارشية» تماما».

وأعطياني شمعة

«وزاد الفندق في سوء ظني بباريس وأضاع كل ما كنت أمني النفس به. لأن صاحبته ووكيلها قابلاني باستهتار لصغر سني وأعطياني غرفة أرضها حجرية وأعطياني شمعة!… فدهشت جدا ألا يكون في باريس كهرباء!… لأن فنادق الاسكندرية عندنا كان فيها كهرباء!…

“ومع ذلك كنت في انتظار مدرسة الفنون الجميلة، تهون عن نفسي ما لقيته،

” ولو كنت قد قصدت باريس لأتنزه لهربت من أول ليلة، لأن أساتذتنا بالقاهرة كانوا دائما يحدثوننا عن باريس حتي فتنا بباريس».

التسارع بعين د. عبد الحليم محمود

وهذه زاوية ثالثة تتمثل فيما وصف به الدكتور عبد الحليم محمود في كتابه «الحمد لله هذه حياتي» ملامح تجربته الأولي مع ما رآه من تسارع الحياة الفرنسية ابتداء من الحركة والسير، وكان هذا العالم الجليل قد وصل باريس ناضجا متزوجا متخرجا:

 «ونزلنا مارسيليا، ويبدو أن الوقت ـ الذي نزلنا فيه ـ كان وقت انصراف العمال للغداء، لقد رأيت السرعة في كل اتجاه، ونشاط الحركة في كل ناحية، ورأيت النساء والفتيات وكأنهن يقفزن في سيرهن من السرعة، كما كنّ يتحدثن في سرعة أيضا، وهن فرحات، مستبشرات، سعيدات، يضحكن في سرور وبشاشة».

«ولست أدري لماذا تواردت ـ علي ذهني ـ صور من الشعر العربي، تصور الجمال في النساء العربيات.. وثب إلي ذاكرتي قول ذلك الشاعر الذي يعبر عن المثل الأعلي في جمال المرأة، بقوله:

«مشي القطاة.. ونطقها إيماء»

«إن المرأة هنا لا تمشي مشي القطاة، وليس نطقها ـ كما يقول الشاعر ـ إيماء.. فأين إذن نؤوم الضحي؟».

«إن كل شيء هنا يوحي بالنشاط، والحركة والسرعة».

«والرجال في سرعة دائبة، وحركة مستمرة، ونشاط وحيوية دائمين».

«وهذا الذي رأيته في مارسيليا رأيته فيما بعد في كل مكان توجهت إليه».

«وصلي الله علي سيدنا محمد رسول الله، فإنه كان يسير، والصحابة من خلفه كأنهم يعدُون».

«ورحم الله عمر بن الخطاب، كان إذا مشي أسرع».

«وهل تنهض الأمم بالكسل والخمول؟».

د. عبد الرحمن بدوي ولقاؤه الأول بباريس

ونأتي إلي زاوية رابعة تمثلها التجربة التي أصابت صاحبها وأصابتنا معه بكثير من الحيرة، وهي تجربة الدكتور عبد الرحمن بدوي، الذي عاش حياته كلها محبا لباريس، حتي إنه قضي الجزء الأخير من حياته فيها مقيما إقامة شبه دائمة، ومن الطريف أن رحلته الأوروبية الأولي إلي أوروبا قد توجهت به إلي ألمانيا وإيطاليا في 1937 إبان عطلة الصيف، وهكذا فإنه لم يزر باريس إلا بعد 9 سنوات من معرفته الأولي بأوروبا، وقد كنت قبل أن أقرأ مذكرات الدكتور عبد الرحمن بدوي  أعجب لحالي لأني لم أعرف باريس الا بعد 5 سنوات من معرفتي بألمانيا.

يصور لنا الدكتور عبد الرحمن بدوي قصة لقائه الأول بباريس علي نحو واقعي يحمل خبرات السنين، وروح الشيخوخة، لكنه مع هذا لا يخلو مما بقي من روح الشباب وتمرده علي ما يراه مخالفا لحلمه السابق.

ولنقرأ هذا النص الجميل في الجزء الأول من مذكرات عبد الرحمن بدوي :

«وكانت رحلتي الأولي إلي باريس في يوم السبت الثاني والعشرين من شهر يونيو سنة 1946، علي متن طائرة تابعة لشركة إير فرانس، ولم تتوقف الطائرة إلا في تونس، ووصلت باريس حوالي الساعة السادسة مساء”

د. مصطفي زيور يستقبله عند مدخل الفندق

” وتوجهت مباشرة إلي فندق لوتسيا  43 شارع ريسبايل في القسم السادس ، لأنه كان يقيم فيه آنذاك زميل وصديق هو الدكتور مصطفي زيور، وكنت قد كتبت إليه أخبره بحضوري إلي باريس، فاستقبلني عند مدخل الفندق، ولما أتممنا عملية التسجيل في الفندق، صحبني للبدء في تعريفي بباريس: كيف استعمل “المترو”، وللتجربة ركبنا الخط الرئيسي الذي يمر من محطة سفر  بابليون التي عندها يقوم فندق لوتسيا ».

ونزلنا في محطة بيجال، ومررنا في الشوارع المحيطة بها، وهي كلها تزدحم بملاهي الليل، واكتفينا بالتجوال نصف ساعة في حي بيجال”.

القيمة الشرائية لراتب الأستاذ المصري

وها هو الدكتور بدوي بعد كل ذه السنوات يعقد مقارنة يعبر فيها عن الإحباط والقنوط اللذين يشعر بهما من تضاؤل القيمة الشرائية لراتب الأستاذ المصري في مواجهة ارتفاع أسعار باريس:

«ثم عدنا إلي فندق لوتسيا، حيث أقمت في الغرفة رقم 121 ، أي في الطابق الأول، وهي غرفة ذات حمام، وسعرها آنذاك 350 فرنكًا فرنسيًّا قديما أي ما يعادل اليوم ثلاثة فرنكات ونصفا، فهل تعلم أيها القارئ كم سعرها اليوم؟ سبعمائة فرنك فرنسي جديد، أي أنها زادت مائتي مرة في خلال أربعين عاما! هذا بينما راتب عضو هيئة التدريس في الجامعات المصرية لم يزد إلا مرتين اثنتين خلال هذه الأعوام الأربعين!!

د.  بدوي يقتفي أثر رينان في باريس

ويتكرر الاحباط ” المادي ” في صباح اليوم التالي لكنه لا يعوق الدكتور بدوي عما عرف به من الجد والاجتهاد:

” وفي الصباح الباكر، بعد فطور رديء، كانت القهوة فيه من الشيكوريا المحمصة، سرت في شارع سفر، ثم شارع فيوكس كولومبير، حتي بلغت كنيسة سان سولبيس، فدخلتها وكان اليوم يوم الأحد، فشاهدت جانبا من القداس، ثم خرجت عن يسار لأبحث عن معهد سان سولبيس الديني الذي تعلم فيه رينان من سنة 1841 إلي سنة 1845.

” لكني وجدت مكان المعهد قد احتلته مراقبة ضرائب Hotel des Finances  فمضيت إلي شارع بونابرت الذي تمتد عليه هذه البناية، وصعدت فالتقيت بشارع فوجيرار، وهنا تذكرت عبارة رينان في كتابه: ذكريات الطفولة والشباب” التي يقول فيها: لقد أمضيت في باريس عامين لم أعرف فيهما من باريس إلا شارع فوجيرار، لأنه الشارع الطويل جدا، وهو أطول شارع في باريس، إذ يبدأ من ميدان السوربون ويستمر حتي نهاية باريس عند ضاحية ايسي، الذي كان يسلكه رينان في ذهابه من معهد سان بولبيس إلي ضاحية ايسي حيث يوجد بيت إقامة الطلاب المنتسبين إلي معهد سان سولبيس”

” وخطر ببالي أن أسلك هذا الشارع علي قدمي، ومثلما كان يفعل رينان، لكنني رأيت أن هذا ليس وقته آنذاك، فلأجل ذلك إلي فرصة أخري، خصوصا وقد رأيت نفسي أمام حديقة اللوكسمبورج التي قرأت عنها الكثير».

إيميل زيدان و زيارته الأولي لباريس

وهذه زاوية خامسة من زوايا الرؤية التي تعكس الانطباع الأول عن باريس فقد روي إميل زيدان قصة زيارته لباريس لأول مرة في حياته علي نحو ينبئ بما كان الآباء المؤسسون يعنون به من تثقيف أبنائهم حتي من قبل أن يكون هؤلاء الأبناء قادرين علي الحكم الصائب علي الأمور.

«… عندما انتهيت من الدراسة أراد والدي رحمه الله أن يكافئني علي ما بذلت من جهود في سبيل الحصول علي الشهادة ، فسألني عما تصبو إليه نفسي فأجبت فورا: السفر إلي باريس. فقد كانت باريس في نظري جماع المتع والمحاسن، وأي شاب لم يحلم بباريس ولم يتق لزيارتها؟».

«زرت إذن باريس في تلك السنة – 1912 – للمرة الأولي… ولكن أتدري أي أثر تركت في نفسي؟ كانت لباريس في مخيلتي صورة مُثلي، صورة جمعت من البهاء والرواء ما لا يمكن أن يحققه الواقع مهما حسن”

” فلما وطئت أرضها وجلت في شوارعها اعتراني شيء من الخيبة: أهذه هي باريس التي حشوت ذهني بسحرها وفتنتها؟ لقد توقعت أن أنزل مدينة «سماوية» يسكنها صنف من أشباه الملائكة وإذا بي بين أناس كالناس، وطرق كالطرق، ومنازل كالمنازل – إذا بي في مدينة بشرية ليس في مظاهرها ما يتفق وتلك الصورة التي صورها خيال الساذج».

لكنها عدة مدن في مدينة واحدة

“ولكني زرت باريس بعدئذ غير مرة وعرفت كيف أفهمها وكيف أحبها. فلباريس نواح كثيرة بل هي عدة مدن في مدينة واحدة… ففيها الجد واللعب، والترف والشقاء، والفضيلة والفساد، والماضي والحاضر – فيها أجمل الجمال وأقبح القبح، فيها أسمي ما وصل إليه الإنسان، وأدني ما هبط إليه».

توفيق الحكيم يصف شعور الشرقي في باريس

أما الزاوية السادسة التي هي أكثر الزوايا شيوعا في أحاديث الشفاهة فهي تلك التي سجلها باقتدار قلم استاذنا توفيق الحكيم حين تحدث عن شعور المصري أو الشرقي الذي سرعان ما يشعر بالحياء أو الخجل حين يري مظاهر العواطف المشبوبة في باريس لأول عهده بها فقال:

«…. ولم يقطع عليه تأمله غير حركة فتي وفتاة من أهل باريس يتعانقان غير حافلين بعاذل أو رقيب! فازّور محسن عنهما برأسه! غير راض أن تعرض العواطف هذا العرض، في الشوارع والطرقات فتبتذل وهي التي ينبغي لها أن تحفظ في الصدور كما تحفظ اللآلئ في الأصداف».

 باريس بعقلية مصر: تصوير حي للأستاذ الصاوي

بعد هذه الصور  التي  رسمت المشاعر المثالية و الأكاديمية مع الشبابية في نسيج واحد قدمه الدكتور حسين فوزي وفي نسيج آخر قدمه الفنان محمود مختار  ثم مشاعر التجربة الاولي في السن الناضج لكل من الشيخ عبد الحليم محمود والدكتور عبد الرحمن بدوي،  والسن المبكر جدا لإميل زيدان ،  وبينهما توفيق الحكيم في لمحاته  بين هذا وذاك ، لكننا ، بعد هذا ، نعتقد أن أكثر الصور حياة وواقعية وصدقا في وصف الوصول إلي باريس  بعقلية مصر ونفسيتها والتعامل معها لأول مرة  هو ما صور به الأستاذ أحمد الصاوي محمد قصة وصوله وتوليه المسئولية قائداً لبعثة عمال العنابر، وقد أورد الأستاذ الصاوي هذه القصة في كتابه باريس، مشيراً إلي أن هؤلاء كانوا تسعة شباب موفدين من مصلحة السكك الحديد المصرية إلي إنجلترا للتخصص في الصناعات الميكانيكية ، وقد نشر صورة لهم في باريس، وقص أمر زيارته لباريس علي النحو الطريف والجميل الذي تميز به أسلوبه الشائق:

«وصل بنا القطار في الساعة التاسعة صباحا فنزل إخواننا بعثة العنابر لا ينتظرون الشيالين بل يبادرون بشهامة فينزلون عفشي إلي الرصيف حتي جاء من حمله، وخرجنا من المحطة وكنت قد احتطت لنفسي لأنني مكثت سنوات أسمع عن برد باريس وصقيعها وثلجها، فوضعت معطفين لا معطفا واحدا فكأنهما جبة وعباءة! وضعت معطف السهرة الأسود السميك ووضعت فوقه معطف الخريف «الجبردين»..

«ونزلنا في 7 يناير، في قلب الشتاء، فإذا الهواء منعش، وإذا الشمس ساطعة!».

«فسألتهم، هل الدنيا برد؟! قالوا أبداً؟ إنها حر!! فصدقت حينئذ نفسي! وتنفست الصعداء وخلعت أحد المعطفين!

العلامات الدالة على أنشطة المحلات

«وكان مما استلفت نظري عندئذ تلك الكرات الذهبية الكبيرة المعلقة فيها «شرابة» كبيرة سوداء كأنها زر الطربوش العربي… ووجدتها تتكرر علي حوانيت بعينها فعلمت أن الحلاقين قد اتخذوها شعارا لهم حتي تلفت الأنظار إليهم. وتري من آخر الطريق فيقصدها من هو في حاجة إليهم».

«وكذلك لفت نظري علم أحمر يتكرر بشكل واحد فاذا هو علم «المصبغات».

«والمفاتيح الذهبية الكبيرة التي كنت قد ترجمتها في «الزنبقة الحمراء» دون أن أدركها تماما، رأيتها عندئذ فاذا هي علم علي «الحدادين».

«وأشكال ضخمة من الزجاج الأحمر تشبه «السيجار» الزينوبيا فوق المقاهي وتنار ليلا فاذا هي رمز حوانيت التبغ حيث تباع أيضا طوابع البريد».

«وهكذا جعلنا نتصفح وجوه الناس ووجوه الأماكن وابتدأنا نلحظ ونفطن ونقارن وندرك ما وصلنا إليه في بلدنا وما نحن بحاجة إليه».

النص الكامل : كتاب الدكتور محمد الجوادي ، باريس الرائعة ، مكتبة الشروق الدولية 2014

شارك هذا المحتوى مع أصدقائك عبر :
x

‎قد يُعجبك أيضاً

أيمن نور للجزيرة مباشر: المؤرخ محمد الجوادي نموذج للمفكر المصري (فيديو)

نعى أيمن نور رئيس اتحاد القوى الوطنية المصرية، الطبيب والمؤرخ المصري محمد ...

WP Twitter Auto Publish Powered By : XYZScripts.com