الرئيسية / المكتبة الصحفية / الشيخ محمود أبو العيون الرمز الساطع لفكرة تغيير المنكر

الشيخ محمود أبو العيون الرمز الساطع لفكرة تغيير المنكر

ــ 1 ــ

كان الشيخ محمود أبو العيون  ١٨٨٢-١٩٥١  بلا جدال واحد من أبرز خطباء ثورة 1919 المؤثرين، مع الشيخ مصطفى القاياتي  فإذا نسبت الثورة إلى من أشعلها بخطابته فإن محمود أبو العيون هو البطل الأول لثورة 1919.

وهو أيضا أبرز علماء الأزهر الذين عنوا بواجبهم تجاه الإصلاح الخلقي والاجتماعي، والذين اشتهروا بكتاباتهم وجهودهم في محاربة التهتك والبغاء، ولم يكن يصدر في هذا السلوك عن التزام ديني فحسب، لكنه كان يصدر فيه عن إيمانه بأهمية أن يقوم عالم الدين بدور المصلح الاجتماعي، وأن يتوجه بجهاده إلى ميادين السياسة، والاجتماع، والأدب، والخلق.

ومن الإنصاف أن نبدأ فنذكر أن أكبر الفضل في تسجيل تاريخ هذا العلم الجليل يعود إلى الدكتور رجب البيومي بذاكرته وفهمه ومكتبته وإنصافه .

كذلك فإن الحظ الأوفى في ذيوع فضله وفكره في جيله يرجع في المقام الأول إلى الأستاذ داود بركات رئيس تحرير جريدة الأهرام الذي أيد الأستاذ أبا العيون في دعواته تأييدًا منقطع النظير، ففتح له أبواب الجريدة الذائعة ليكتب وينشر كل ما شاء.

كذلك ينبغي لنا الإشارة إلى فضل الأستاذين محمود تيمور وأحمد عباس صالح في تصوير ملامح شخصية الشيخ أبي العيون في كتابيهما «ملامح وغضون» و«عمر في العاصفة» .

كان الأستاذ محمود تيمور أبرز الأدباء الكبار التفاتا إلى تقدير الأستاذ أبو العيون، وكان واعيًا لدوره كمصلح عامل غمط حقه بين معاصريه، وقد كتب الأستاذ محمود تيمور فصلًا تحليليًا رائعًا عن أبي العيون في كتابه «ملامح وغضون» ورسم معالم شخصيته الرائعة، وكما يقول الدكتور البيومي فقد استطاعت ريشة الفنان المصور لدى تيمور أن تبرز صورة الرجل الخالد، في ملامحه القوية، وقسماته الباهرة، إبرازًا دل على مهارة واقتدار.

ــ 2 ــ

كان الشيخ محمود أبو العيون في جيله علما خفاقا معروفا علي نطاق واسع وترك آثارا فكرية كثيرة، كما ترك كتبا منشورة لكنها لا تزال أقل بكثير من إنتاجه الضخم الذي ملأ الصحافة، ,ومن المؤكد أنه سيأتي يوم يهتم فيه بعض الباحثين بجمع بعض مقالاته في الصحف اليومية وتبويبها والتعليق عليها ، فهي نصوص واضحة الدلالة على مذهب خلقي بارز في الإصلاح الاجتماعي. ومن المتوقع أن تكون مقالات أبي العيون في جريدة الأهرام وحدها بضعة مجلدات.

للشيخ كتابان منشوران في التاريخ :

•    «تاريخ العرب» مختصر في ذكر الراشدين والعباسيين.

•    «موجز تاريخ مصر والإسلام» ، بالمشاركة مع محمد الحسيني رخا.

وله كتابان في الإصلاح الاجتماعي :

•    «صفحة ذهبية» رسالة في إلغاء البغاء .

•    «مذابح الأعراض» .

ومع أن بعض مناهضي أفكاره كانوا يحاولون السخرية منه ومن أفكاره، فإن ذكره ظل عاليا، وقد حظي بالتقدير الوظيفي والأكاديمي على الرغم من جلبة المعارك التي خاضها، وتولى أعظم المناصب المتاحة لأمثاله. لكنه، رغم كل هذا، نسي نفسه ولم يعن بذاته من حيث هو مؤلف ومبدع، ثم شاء حظه أن يأتي نظام جديد في عهد الثورة يتبني بعض أفكاره لكنه لا يرحب بأن تنسب مثل هذه الأفكار والتوجهات إلى علماء الدين، ولا إلى أحد سابق علي الثورة، وهكذا عانى في حياته ، وضاع حقه في المجد الإعلامي بوفاته المفاجئة.

ــ 3 ــ

ولد الشيخ محمود أبو العيون في سنة 1882 في دشلوط من قرى ديروط محافظة أسيوط، وتلقى تعليمًا دينيا تقليديا على عادة أهل زمانه، والتحق بالأزهر وانتظم في الدراسة فيه، وكان من أنبغ طلابه، وحصل على شهادة العالمية من الأزهر (1908)، وعين بعد حصوله على العالمية مدرسًا بالأزهر، ثم مفتشاً، وتنقل بين وظائف الأزهر العليا بما يشهد بتفوقه وقدراته، حيث عين شيخًا لمعهد أسيوط، فشيخا لمعهد الزقازيق، فشيخا لمعهد الإسكندرية، ثم أصبح سكرتيرًا عامًا للأزهر والمعاهد الدينية الإسلامية، فكأنه تولى رئاسة ثلاث من الجامعات الخمس الكبرى بلغة عصرنا كما تولى رئاسة المجلس الأعلى للجامعات .

ولاشك في أن ما نذكره هو من باب التبسيط والتقريب فقد كانت مكانة هذه المؤسسات العلمية في ذلك الوقت أرفع قدرا من المثل الذي ذكرناه .

وظل الشيخ محمود أبو العيون يمارس حياته العامة والعلمية إلى أن توفي ولما يبلغ السبعين.

ويذكر له أنه في إحدى أزمات جماعة الإخوان المسلمين الشديدة مع الدولة ، وصف الشيخ أبو العيون وهو سكرتير عام الأزهر دور الجماعة فقال :

«جعل الأخوان المسلمون دارهم مدرسة يعلمون الناس حقيقة الإسلام بعد أن غفل الناس عن حقيقة أنفسهم: «شباب الأخوان يمثلون أبطال الإسلام المغاوير فهم يحملون شارة الإخلاص والتضحية والجهاد والإيمان الحق» .

ــ 4 ــ

نبدأ باستعراض نشاط الشيخ محمود أبي العيون السياسي فنشير إلى أنه بدأه كاتبا في جريدتي «المؤيد» و«اللواء» وهو لايزال طالبا بالأزهر. وهكذا كان من المنتمين إلى مدرستي الشيخ علي يوسف والزعيم مصطفي كامل ولم يكن من مدرسة «الجريدة» و ما تطور عنها من مدارس .

 وواصل الشيخ نشاطه بعدما أصبح مدرسا يمارس الوظيفة والعلم والتعليم ، وقد أمدته مدرسة مصطفي كامل السياسية بجذوة مشتعلة من الوطنية الحقة.

ثم أن وقائع تاريخ ثورة 1919 تشهد أنه كان له هو وأقرانه من زعماء الأزهر الشبان الفضل الحقيقي في اندلاع الثورة 1919 عقب اصطدام الإنجليز بسعد زغلول، إذ خطب أبو العيون منددا بالاحتلال في جمع حاشد لم يترك مكانا لقدم بالجامع الأزهر، ثم انطلق الثائرون في أول مظاهرة كبري أزعجت الإنجليز، وفوجئ بها سعد زغلول نفسه كما ذكر العقاد في تأريخه ، إذ أن الزعيم الكبير لم يكن يتصور أن تنتفض البلاد انتفاضة رنانة ما بين عشية وضحاها، ولكن خطباء الجامع الأزهر من علماء ومحامين وطلاب ومدرسين قد أعلنوا صرختهم المدوية، فدفعوا بالجمهور إلى مظاهرات عاصفة قادها المشايخ محمود أبو العيون، ومصطفى القاياتي، وعبد ربه مفتاح، وعبد اللطيف دراز.

ــ 5 ــ

وبسبب نشاطه المكثف في ثورة 1919 تعرض أبو العيون إلى رصاص الاحتلال أكثر من مرة، وحكم البريطانيون عليه بالسجن ، وأودعوه معتقلا على حدود رفح.

وكان للشيخ أبو العيون دور مؤثر في تأجيج ثورة الجماهير في القاهرة ضد الإنجليز عندما شنوا معركتهم الشهيرة ضد جماهير الإسكندرية والتي كانت في حقيقتها مذبحة بشعة ذهب ضحيتها عشرات الأبرياء من الشهداء.

 ويذكر له أيضا أنه كان أول خطيب ثائر ندد بالمذبحة الحمراء في صياغات ثورية نارية ، فأجج النار في صدور المصلين يوم الجمعة بحيث خرجت الأفواج في مظاهرة مدوية قاومها الإنجليز بالرصاص فسقط عشرات الشهداء، واعتقل الخطباء مرة ثانية، وعلى رأسهم أبو العيون.

ــ 6 ــ

واصل أبو العيون جهاده وهو في ظلام السجن، وأخذ ينشر المقالات الملتهبة في الصحف الوطنية، وحرص السجين البريء على الحث على مقاطعة لجنة ملنر في مقال وقعه بإمضاء محمود أبو العيون السجين رقم 4 برفح، فكان لتوقيعه مغزى كبير لدى الوطنين والمحتلين معا.

ثم خرج من السجن ليكتب مقالاته السياسية تحت عنوان «الصحيفة السوداء»، وقد بدأها في 6 من يناير سنة 1922م وختمها في 11من فبراير من العام نفسه، في سبع عشرة حلقة عن جرائم بريطانيا منذ احتلت مصر، وأفسدت حياتها ، وعملت على تدهور الجيش والخزانة والتعليم والصحة والمستوى الاجتماعي ، و كانت هذه المقالات مؤيدة بالإحصاءات المدعمة بالأرقام ، وكأنه قد أعد نفسه لهذه الحلقات من سنوات.

ولا يزال نشر هذه المجموعة من المقالات في كتاب بهذا العنوان «الصحيفة السوداء» من الأماني التي أرجو الله أن يوفقني إلى قرار بنشرها على نحو ما تم مع آثار مشابهة .

وكان طبيعيا أن يغضب الإنجليز من جرأته الصارخة فحققوا معه فلما لم يجدوا ما يتهمونه به في التحقيق، إذ بهر وكيل النائب العام بصدقه وإخلاصه، اكتفوا بنقله من القاهرة وصدر قرار يحظر على جريدة «الأهرام» أن تنشر مقالات له تحت عنوان «الصحيفة السوداء» .

وظل أبو العيون يدافع بلسانه خطيبا ومتحدثا بعد أن حيل بينه وبين الصحف حتى نجحت الثورة ، وبدأت الحقبة الليبرالية !

ــ 7 ــ

بدأت الحقبة الليبرالية وسرعان ما أضاف أبو العيون إلى نشاطه السياسي جهدا واسعا في ميادين اجتماعية عريضة ندد فيها بما لمسه من تدهور خلقي ساعد عليه الاحتلال. وهنا نأتي إلى دوره في الإصلاح الاجتماعي.

 وكما أنه بدأ نشاطه السياسي بالكتابة فكذلك فعل في نشاطه الإصلاحي الاجتماعي . ذلك أنه كان كاتبا اجتماعيا من الطراز الأول وإن غفل عنه المنصفون من الباحثين، ويبدو، وكأنه هو نفسه ساعد على هذا الإهمال حين ترك آثاره الكثيرة في الصحف دون أن يجمع مختارات منها في كتب يتداولها القراء.

وعلى حد أمنية الدكتور محمد رجب البيومي فإنه ينبغي أن يهتم فكرنا الأكاديمي بدراسة تجليات فكر هذا الرجل على نحو أوسع، وبخاصة «أننا في زمن كثرت فيه الدراسات الأدبية والاجتماعية، ونهض طلبة الدكتوراه والماجستير في كليات الجامعات للحديث عن أصحاب الأقلام من الأدباء والباحثين في رسائل جامعية تعد وتناقش وتمنح عليها الدرجات العلمية، أفلا يقوم طالب من هؤلاء بالبحث عن خصائص أبي العيون في الكتابة، و اتجاهاته الإصلاحية» .

ــ 8 ــ

كانت معركة الشيخ أبو العيون الأولى في ميدان المجتمع أنه حاول بصادق تدينه و إخلاص وطنيته وحسن نيته أن يقاوم (أو أن ينفي) ما استقرت عليه الدراسات الاجتماعية بعد هذا من أن الثورات قد تستخدم (رغم أنفها وبحكم طبائع الأشياء ودينامية التحرر ) لتعطي غطاء للتفسخ الخلقي ..

وفي هذا الميدان وبهذا المنطق خاض الشيخ محمود أبو العيون معارك كثيرة تكللت بنصره، وأبرزت معدنه النقي الذي لم يحترق بالهجوم الشرس عليه ، وأضاف هذا المجد إلى مجد قيادته السياسية لشباب الأزهر في ثورة سنة 1919، إذ رسم صورة صاحب الفضيلة النموذجي بين الناس حين دعا إلى الخلق الحيّ، والإسلام النقي، والحق الصريح.

ــ 9 ــ

كان حديث الشيخ محمود أبو العيون عن الأخلاق العامة والفردية حديثا صارما، ولم يكن قادرا على التوفيق بين الروح الوطنية وأي تجاوز خلقي، وقد اضطره هذا إلى أن يعلن أن ثورة 1919 قد تمخضت من الناحية الاجتماعية عن شرور خلقية مبيدة، لأن بعض الكتاب المتغربين قد خدشوا الكرامة الخلقية بما ترجموا من اعترافات ساقطة، وما وضعوا من مسرحيات جنسية هابطة، ولم يروا غير الإباحية مجالا لإسفافهم الشائن، فتأثر بهم القارئون من الشباب، واندفعوا إلى التخلص من آداب الشرف الكامنة تحت ستار الحرية والتقدم الحضاري.

ــ 10 ــ

وفي جريدة «الأهرام» المحفوظة في المكتبات العالمية جواهر مما تضمنته نصوص هذه المقالات ، ومن صداها لدى القراء والمعلقين عليها.

نعم فقد أفسحت «الأهرام» صفحاتها للشيخ ونشرت مقالاته الرنانة تحت عنوان «يا ضيعة الأخلاق في عهد الحرية» في عشر مقالات حافلة بالتنديد والتوجيه معا.

 وقد كتب الشيخ أبو العيون في إحدى مقالاته:

«… لقد كانت النفوس قبل هذا العهد بعيدة عن الأغراض والأهواء، وكانت أحكام الدين والأخلاق تدرك وتحترم، ولكن القحط الخلقي أصاب اليوم جماعة الشباب فأوهى فيهم الروابط الاجتماعية، ومكن للرذيلة من نفوسهم، فانغمسوا في حمأتها، وأصبح الكثير منهم يحذق الملق، والكذب والنفاق، ويألف الذلة والهوان، وأصبحت الكفاءات والأهواء بمقدار ما يبذله الشاب لرئيسه من التخضع والمداهنة والرشوة، حتى صرت لا تجد من الشباب المتعلم ـ إلا قليلا ـ مَنْ لا تنازعه نفسه إلى فجور، ولا تفتح له عين لريبة، فلا يلحقه في ذلك ذم، ولا تناله وصمة».

«ولقد نظم كثير من أولئك الشباب للمآثم والمشاين دورا ونوادي يختلف إليها الجنسان، وفي ساعة يغفل فيها الزمان تستباح كرامات، وتمتهن أعراض، ومن البلية أن تجد نفوس أولئك الشباب قد مرضت مرضا خلقيا لا أرى علاجه هينا، فهم لا يرون عيبا في اقتراف أي شائنة تكون بعيدا عن العمل الرسمي، لأن تلك في نظر الخاطئ مسائل شخصية، لا تسيء إلى العمل، ولا إلى المجتمع في شيء، وأعجب أن تكون حالهم على ما وصفناه، ثم يؤمنوا في وظائفهم على دانق أو سحتوت، كأن الذمم تتجزأ، والضمائر تتقسم!».

ــ 11 ــ

أما معركته الثانية فكانت دوره البارز والجوهري والمحوري (بدون أية مبالغة ) في محاربة البغاء ، وقد نجح نجاحا ملموسا في إنهاء تورط السلطة في البغاء        الرسمي ، وقد استمرت هذه المعركة بضع سنوات .

كان الشيخ محمود أبو العيون يرى، كما يقول الدكتور محمد رجب البيومي، أن محاربة البغاء جهاد لا يقل عن جهاده الثوري، حين تعرض إلى الرصاص من مظاهرات الحرية فشمر العزم لاستئصاله.

 وبدأ الشيخ الحملة بنشر مقال بجريدة الأهرام، ثم تابع حملته بجولات يقظة في أحياء البغاء بالعاصمة فعرف الأماكن الموبوءة وأحصى ضحاياها، وأصحاب المنفعة في إدارتها، واستكتب الأطباء ليتحدثوا عن مآسي البغاء وأمراضه، والاجتماعيين ليعالجوا الوضع بعد الإلغاء.

 ثم أصدر الشيخ كتابه الشهير :«مذابح الأعراض» حافلًا بما يسيء ويخجل من فضائح البغاء مشفوعًا بالإحصائيات الدقيقة، والأرقام الكاشفة.

ــ 12 ــ

ذكر الأستاذ محمود تيمور أن السبب في محاربته البغاء أنه قرأ في بعض الصحف بعد هدوء ثورة سنة 1919 عن قس أوروبي قام بمناهضة البغاء في دولته، فانتفض الشيخ انتفاضة صارخة، إذ هاله أن يسبقه قس إلى محاربة منكر لا يعترف به دين، وجمع عزيمته للقيام بدور القس الأوروبي، لكن الدكتور محمد رجب البيومي مع تقديره لتيمور وامتنانه لموقفه من الشيخ أبي العيون، يميل إلى مخالفة القصة التي يرويها الأستاذ تيمور ويقول:

«إن الشيخ أبو العيون منذ نشأته يذكر لائحة سنة 1896 التي أباحت البغاء في عهد اللورد كرومر، ويراها سبة شنعاء، وفضيحة يندي لها الجبين، ثم اشتعلت ثورته الغاضبة فتركته كالبركان الملتهب حين قرأ بعض ما ذكرته اللجنة الدولية التابعة لعصبة الأمم المتحدة في تقريرها الخاص بتجارة الرقيق، وقد جاء فيه:

«وقد أصبحت مصر ميدانًا محبوبًا ومركزًا هامًا من المراكز الدولية التي يفد إليها حماة البغايا، يجلبوهن من سائر الأقطار، ويمكثن في مصر ريثما يؤهلن، ثم تبقي مَنْ تمارس البغاء إذا رضيت بالإقامة في مصر، وإذا زاد العدد ذهبت البقية إلى مختلف الجهات».

ــ 13 ــ

ويلفت الدكتور البيومي نظرنا إلى ما يعرفه هو من أن الأستاذ داود بركات نفسه كان ممن شغلوا أنفسهم كثيرًا بمحاربة هذا الداء قبل صيحة أبي العيون، إلى حد أنه ترجم (1913) كتابًا خاصًا بذلك نقله عن طبيب إنجليزي كبير.

وقد عمل الأستاذ داود بركات على تأييد الشيخ أبى العيون بمقالات واعية ذات حجج عقلية لا يتطرق إليها التوهين، كما كتب داود بركات مقدمة جميلة لكتاب الشيخ أبى العيون «صفحة ذهبية» سفه فيها دعاوي المنحازين ضد الشيخ أبى العيون.

ــ 14 ــ

ومن المفارقات التي لابد من ذكرها أن الأستاذ أبا العيون كان يتصور في بادئ الأمر أن دعوته لن تجد معارضًا من الناس، على اعتبار أنها دعوة الحق والإنسانية والكرامة، لكنه فوجئ بأكثر الجرائد اليومية والمجلات الأسبوعية تشن عليه حملة ظالمة، تتهمه بالادعاء والنفاق وحب الظهور، بل توقحت بعض المجلات الساقطة فرسمت لأبي العيون صورًا كاريكاتورية مع بعض البغايا في مواقف خليعة دون أن يعصمها خلق أو حياء.

ويذكر الدكتور البيومي أن جريدة «السياسة» كانت توالي حملاتها الظالمة على الرجل فتقول فيما قالت: «الشيخ أبو العيون يعرف قبل غيره أن ضجته الكبيرة غير نزيهة، وأن ليس من حكومة رشيدة تأخذ بما يدعو إليه من رفع الرقابة الصحية عن فئة تعسة من الناس، رمي بها الشقاء إلى بؤرة البغاء، وهو يعلم أنه لا يقصد إلا الدعاية لنفسه والإعلان عنها».

«أما الغيرة على الدين والبكاء على الفضيلة فكلمات جوفاء لم يقصد بها الشيخ لأكثر من خداع الجمهور، وجره وراءه مصفقاً، أما الدعوة إلى إلغاء البغاء الرسمي مع انتشار البغاء غير الرسمي فلا معنى لها، إن مهمته أن يقول: إن البغاء حرام، وقد قالها، أما أن يلبس ثوب الطبيب فتطفل من الشيخ غير معقول، وإن ما بُني في أجيال لا يمكن هدمه في يوم، وليس أبو العيون بمن يستطيع أن يجد العلاج، فهو أصغر من ذلك جدا، ومن الإجرام أن يتخذ الرجل اسم الدين لإثارة موضوع خطر!!

ــ 15 ــ

ويلفت الدكتور رجب البيومي نظرنا إلى ما يدل على تصوير نفسية أبى العيون في قول الشيخ العظيم تعقيبا على هذا التوجه :

«استر وجهك يا صاح فحسبك من شر سماعه، فلعمري لا يسمع ذلك القول كريم إلا استغشى ثوبه، وغطى وجهه، وتمني لو انفرجت الأرض تحت قدميه فابتلعته، أو مادت به فأهلكته، وارحمتاه، لقد فقدنا كثيرًا من معاني الحياة أحوج ما نكون إليها في مركزنا المضطرب، والتي لا غنى لأمة ناهضة عنها، فقدنا استقلالنا السياسي، أو هو على الأكثر في الميزان فقدنا استقلالنا الاقتصادي، فقدنا استقلالنا الخلقي، وحتى الشرف …. !! فماذا بقي لنا؟».

ــ 16 ــ

ويسجل الدكتور البيومي أن الأستاذ العقاد قد تورط في مهاجمة الشيخ أبي العيون في مقال له في «البلاغ» وأن مجلة «روز اليوسف» كانت تنتقد أبا العيون بأسلوب ساقط مختل، وأن الأستاذ سلامة موسى كان يهاجم الإلغاء بتمحلات زائفة! وكان كل ما قيل يدور في فلك جريدة «السياسة»، ويمط في عبارتها، إذ هي صاحب المعول الكبير. لكن الشيخ محمود أبو العيون لم يسكت عن مناوئيه، وإنما جادلهم بالتي هي أحسن.

 وقال الشيخ أبو العيون لمن يزعمون أنه افتات على حقوق الأطباء والمشرعين في موضوع هم أولى الناس بالحديث عنه: إنه رجع في مقالاته إلى آراء الأطباء الموثوق بهم، والإداريين والمتشرعين، فلم ينفرد في ذلك برأي، ثم إن المسألة تتصل بالدين، فما يجوز للأستاذ فكري أباظة، مثلا، أن يقول: إن إلغاء البغاء جريمة، وأن يدفع دفعا فرعيا قانونيا بعدم اختصاص أبي العيون، لأنه عالم دين ومن صميم عمله أن يحارب ما نهى الله عنه، وإن النظر إلى الأمر الواقع باعتباره مسألة لا غنى عنها مسألة تمنع كل إصلاح، وتعيد قول الذين قال عنهم القرآن الكريم: ﴿ وَكَذَٰلِكَ مَا أَرْسَلْنَا مِنْ قَبْلِكَ فِي قَرْيَةٍ مِنْ نَذِيرٍ إِلَّا قَالَ مُتْرَفُوهَا إِنَّا وَجَدْنَا آبَاءَنَا عَلَىٰ أُمَّةٍ وَإِنَّا عَلَىٰ آثَارِهِمْ مُقْتَدُونَ﴾ [الزخرف:23] .

ــ 17 ــ

واجه الشيخ أبو العيون هؤلاء جميعا بصيحته الرائعة التي افتتح بها كتابه «صفحة ذهبية» (1928) فقال عن نفسه:

«يمينا لا تقبض تلك اليد بعد أن بسطناها ولو صافحتها السيوف البواتر، لقد التزمنا أن ندافع عن أعراض هذه الأمة المسكينة، وأن نذود عن عفافها زيادا حقا، مستهدفين في ذلك لكل خطر حتى جدع الأنف، ودق العنق».

«لقد صرخنا في صحيفة «الأهرام» صرخة مدوية لباها أهل الحق، فنهدوا إلى قلب الباطل نهدة صادقة كان لها الأثر الظاهر، إذ تسابقت مجالس المديريات في هدم دور الدعارة، وإلغاء مواخير الفسق، ولولا أن وقفت إدارة الأمن العام حجر عثرة في طريق الحق لما بقي لتلك البؤر عين ولا أثر، وسيستمع ذلك الصوت الصارخ رجال مصر في برلمانها، وسيكون الفصل في المسألة على أيديهم».

ــ 18 ــ

ويسجل التاريخ الاجتماعي لمصر أن الرأي العام والحكمة قد انتصرا لآراء الشيخ أبو العيون ضد كل ما نادى به بعض زعماء الفكر في الوطن، وصحفهم اليومية الذائعة، فقد كان الشيخ كفيلا بصد تيارهم الزاحف، إذ استنهض أنصار الفضيلة من أمراء ووزراء وعلماء ليقفوا معه، وبدأ المسعى بالاتصال برئيس الوزراء وأعضاء وزارته مسجلا كل ما يقولونه، فناشرا إياه على صفحات «الأهرام»، وكان ذا أسلوب مقنع في النقاش.

ومن الإنصاف أن نذكر مواقف بعض الرسميين الذين واجهوا دعوة الشيخ بايجابية وجدية ، وننقل مثالا على ذلك من حديث لرئيس الوزراء إذ ذاك عدلي يكن باشا وهو قوله:

«الدعارة نظمت لأمرين:

1 ـ مراقبة المريضات بالكشف، وعزلهن عن الاختلاط.

2 ـ حصر دائرة الفسق في نطاق خاص».

وقال الشيخ أبو العيون :

«وقد ظهر بالاستقصاء أن الكشف لم يؤد إلى نتيجة مرغوبة، بل بالعكس كان ناشرا للأمراض السرية، وكذلك لم يحصر الفسق في دائرة، فإن الدوائر الرسمية في العاصمة مثلا هي: عرب المحمدي، والوسعة، وسيدي زينهم، وهناك دوائر يضيق عنها الحصر كالذهبيات، والعوامات، والأكشاك على شواطئ النيل، والجارسنيرات، والبانسيونات، ومحال التدليك، والخياطة، والبيوت السرية «الجهرية» ، وهي ذائعة في كل شارع ومضيق» .

«فلم يسع رئيس الوزراء إلا أن وافق وحبذ» .

ــ 19 ــ

وقد كان القطب الوفدي فتح الله بركات باشا من الذين أيدوا الشيخ أبا العيون بعد اقتناع :

«قال له فتح الله بركات باشا وزير الزراعة: «علينا أن نبحث هل هناك قوانين تقف أمام الإلغاء ونحتاج إلى تذليلها، أو أن هناك عوامل سياسية تمنع تنفيذ هذه الرغبة الشريفة فنأخذ في معالجتها.

 فرد أبو العيون سريعا بقوله: «إن لائحة العاهرات صدرت بقرار من وزارة الداخلية، فهي ليست بقانون، بل بقرار، ولا يحتاج إلغاؤها إلا لقرار وزاري مثله»،

فوافق فتح الله باشا وقال: «سأعد نفسي سعيدا موفقا إذا كنت من العاملين على إزالة هذا المنكر الفظيع».

ــ 20 ــ

وفي مقابل هؤلاء كانت بين النخبة التنفيذية ثلة تقاوم الإصلاح وتتبني موقفا كالذي اتخذته نخبة المثقفين على نحو ما لخصناه في فقرة سابقة :

«وقد حاول نجيب الهلالي بك في حضور وزير المعارف علي الشمسي باشا أن يعترض أبا العيون بقوله: «إن الزنى ليس بتشريع عندنا، لكن الحكومة تنظمه فقط».

فقال الشيخ: «إن الحكومة تحميه وتشجع الناس على ارتكاب الفاحشة، وتسمح للغلمان بغشيان المواخير والمفاسق، فيكون مصيرهم مصير الباغيات، وعندي إحصائية رقمية بذلك، وأخجل من التصريح بأكثر مما ذكرت».

وقد أورد الشيخ في إحدى محاوراته رأي زعيم خطير قال فيه: «وقد رأينا بعض الكتاب يسألون: ماذا تكون حالة هؤلاء النسوة بعد غلق مواخيرهن؟ وهذا سؤال بعينه يصح أن يقال عن كل فرق ترتزق من السبل المحرمة، إذا ما أغلقت في وجوههم هذه السبل: كالمتجرين في المواد المخدرة وغيرهم، وبعضهم يخاف من انتشار الأمراض السرية إذا حرم البغاء الرسمي، ورفعت الرقابة الطبية، وهذا منطق معكوس، فإن الإباحة أشد نشرا لهذه الأمراض من التحريم، وهذا هو المشاهد الملموس، وواجب الحكومة يقضي بمنع المحرمات والأمراض الاجتماعية الناشئة عن منها، لا أن تبيحها، ثم تزعم أنها تقاوم ما ينشأ عنها من أخطار».

……………………………………………………………………

ــ 21 ــ

كان الأستاذ أبو العيون من الذكاء بحيث تنازل عن بعض مجده فيما كان يطالب به ويدعو إليه، وكان يقول في الرد على هجوم بعض معترضيه: «إنه لا يستقل (أي لا ينفرد ) بمشروع خاص في محاربة البغاء، بل يكل الأمر إلى لجنة ذات كفاءات متنوعة تشمل القانون والطب والاجتماع والسياسة».

ــ 22 ــ

وكان الشيخ أبو العيون يصرح جريئا بأن بوليس الآداب الذي يتذرعون بكفايته (!!) قد أصبح مروجا للفساد بدلا من أن يكون مانعا له، وقد استعصى على الطب أن يستأصل غوائل البغاء، فلم يبق غير استئصال الأساس !

وبعد أن طالت المعركة بين الشيخ وخصومه، انتهت أخيرا بانتصار رأيه، إذ أعلنت الحكومة فيما بعد إلغاء البغاء نهائيا من البلاد، ولم تصادف من العقبات ما توهمه المعارضون، ووضح بجلاء أن أبا العيون لم يكن أصغر من الموضع الذي تعرض له.

ــ 23 ــ

ونأتي إلى الانجاز الثالث الذي يذكره التاريخ ويثبته للشيخ محمود أبو العيون في مجال الإصلاح الاجتماعي ، وهو أنه هو الذي تمكن من إنفاذ تدريس التعليم الديني بالمدارس المدنية دون إبطاء.

وقد بدأ سعيه في هذا السبيل عندما كتب أحد الشباب المعارض لمحاربته للبغاء يقول: «ماذا يصنع المراهقون إذا ألغي البغاء الرسمي وهم ما بين سن الرابعة عشرة والثلاثين، ولا تسمح ظروفهم الاقتصادية بالزواج العاجل، وهم عاجزون عن النفقة على أنفسهم، فكيف بزوجاتهم ومَنْ يجد من أولادهم؟».

وقد عمل أبو العيون على إقناع المسؤولين من وزراء المعارف ووكلائهم بوجوب تدريس الدين الإسلامي في المدارس المصرية على جميع المستويات. وقد هوجمت دعوة أبى العيون على نطاق واسع، لكن الكثرة العاقلة من الشعب والمثقفين علي حد سواء، من ذوي النزاهة تبنتها وأيدتها ، وكذلك فعل أولياء الأمور.

ــ 24 ــ

وكانت أقوى حجة يتذرع بها معارضو أبى العيون هي أن تلاميذ المدارس المدنية يكونون عناصر دينية مختلفة، فتقرير الدين في امتحانهم ينافي وحدة الامتحان، ويسيء إلى نظم الدرجات، ويدعو إلى تغيير نظام الامتحان تغييرا لا يتفق ومصلحة التعليم!.

وقد قال أبو العيون يفند حجة القائلين بهذا الكلام: «أما إنه ينافي وحدة الامتحان فصحيح، لكن هذه الوحدة لم تكن نظاما جوهريا في امتحانات الوزارة، لأنها لا تراعى في القسم الثاني من التعليم الثانوي (إذ ذاك) بشطريه: العلمي والأدبي، مع أن شهادتهما واحدة، وقد تؤهلهما لدخول كلية واحدة».

«وأما أنه يسيء إلى نظام الدرجات فمن الممكن تجنب هذه الإساءة بألا تحسب درجات التعليم الديني ضمن درجات الترتيب في حالة نجاح التلميذ، على أن يعتبر راسبا إذا نقص عن النهاية الصغرى المحددة لمادة التعليم الديني، كما يمكن أن نجعل مادة الدين ومادة الأخلاق مادتين اختياريتين يدرسان معا للطلبة، كل منهما في حصص مستقلة، وعند الامتحان يلزم الطالب المسلم بالإجابة عن أسئلة الدين، ويخير غير المسلم بين الإجابة على أسئلة الدين والإجابة على أسئلة الأخلاق، وتحسب درجات كل منهما في النجاح والترتيب أسوة بالمواد الأخرى، وهذا النظام الذي نؤثره على غيره ليس غريبا في نظم الوزارة، إذ عمل به في مادتي التاريخ والجغرافيا، إذ يكتفي التلميذ بالمدارس الابتدائية (إذ ذاك) على الإجابة عن إحداهما..».

ــ 25 ــ

وقد انتهت وزارة المعارف بعد مداولات طويلة شارك فيها الأستاذ أبو العيون على مدى عدة سنوات إلى الأخذ باقتراحه الأول مع بعض التعديل، وكان ذلك نصرًا أدبيا عظيمًا له في سجل الإصلاح الاجتماعي والتربوي فضلا عن سجل محبي الدين والأخلاق .

ــ 26 ــ

وترتبط بالمعركة السابقة معركة خاضها الشيخ أبو العيون حين أنشئ معهد التمثيل في عهد وزارة إسماعيل صدقي الأولى، وفرض الرقص التوقيعي بين برامجه، فاعترض أبو العيون بشجاعة على مراد سيد أحمد وزير المعارف إذ ذاك، واتخذ من «الأهرام» منبرا لتأييد نظرته حتى ضج خصومه، واقترح بعضهم إحالته إلى مجلس تأديب، و هاج الرأي العام على الوزير.

ثم جاء محمد حلمي عيسى باشا وزيرا للمعارف فاستجاب لأبي العيون عن اقتناع، وقاد الدكتور طه حسين حملة تنديد بالوزير وسخرية منه تحت اسم وزير التقاليد .

 وظلت المعركة دائرة حول الرقص التوقيعي حتى استجاب بعض المتسرعين إلى إعادته ، فواصل أبو العيون هجومه ، وآزره أحمد مرسى بدر حين كان وزيرا المعارف (1949) و قرر إلغاء تدريسه .

ــ 27 ــ

نأتي إلى المعركة الخامسة من معارك أبو العيون في ميدان الإصلاح الاجتماعي ، وربما أنها هي أشهر معارك أبو العيون وقد خاضها حين كان شيخا لعلماء الإسكندرية وهي ما عرف بدعوته إلى تنظيم الشواطئ ومنع التبرج السافر، والاختلاط الفاضح، وقد تكالبت عليه الكثرة المفتونة بشهواتها، فملأت الصحف تشهيرا بالرجل، وتوالت الصحف الهازلة ترسم صورته بطريقة كاريكاتيرية، فزعموا أنه يدعو إلى إلغاء المصايف المصرية خدمة للمصايف الأوروبية وفق اتفاق سري عقده الشيخ مع دعاة الانحلال!. وقد صور على أنه يحارب المصايف المصرية، ويدعو إلى إبادتها كما أرجف عليه سفهاء الصحف المبتذلة، وقد لخص دعوته الهادفة في اقتراحات موجزة رفعها إلى نفرٍ من المسئولين، ودعا إليها بالأهرام، حيث أوجزها في هذه النقاط التي ننقلها من مجلة «الأزهر» (1358 هـ) :

•    تخصيص حمامات للسيدات مجانا في المناطق القريبة كالشاطبي والإبراهيمية وجليم.

•    أو تخصيص زمن للسيدات صباحا كما هو متبع في بعض المصايف الأخرى، مع وضع رقابة على هذه الحمامات لوقايتها من عبث الشبان بواسطة البوليس، فتوجد فرص للأسر الحريصة على صيانة كرامتها، وشرف آدابها من اختلاط الجنسين، وعبث المستهترين.

•    إيجاد نقطة دائمة من البوليس في كل بلاجات الثغر بشرط أن تكون النقطة ثابتة لا تنتقل من مكانها، ويكفي في كل بلاج كونستابل وجنديان لمعاونته.

•    تعديل لائحة الآداب الخاصة بالشواطئ بما يمنع أي منظر مخالف للآداب العامة، سواء في الماء أو على الشاطئ، ويترك هذا لتقدير رجل البوليس الذي يختار من ذوي السيرة الشريفة، والسمعة الحسنة.

•    ينص في اللائحة على أن يخول للبوليس سلطة إزالة أي كابينة استحمام أهلية تحدث فيها مخالفة للآداب، ويكون ذلك عقب إنذار يوجه إلى ساكن الكابينة، كما تكون الإزالة على نفقة صاحبها.

•    تقفل الشواطئ جميعها، وتخلي من جميع ساكنيها وقت الغروب مباشرة.

•    يؤلف بوليس نسائي لحماية هذه المقترحات مع التعاون بين بوليسي آداب المدينة والبلدية!

ــ 28 ــ

أما معركته السادسة التي نكتفى بالإشارة إليها باختصار فهي تتعلق بما عرف عن دأبه في محاربة الحفلات التي كانت تقيمها الأمير شويكار ويحضر الملك فاروق بعضها، وقد كتب في هذا الميدان مقالات شهيرة جريئة وصلت إلى أقصى حدود الهجوم، وكانت سببا من أقوى الأسباب في انصراف الجماهير عن الملك والملكية.

ــ 29 ــ

توفي الشيخ محمود أبو العيون في عام 1951.

[ موضوع المدونة بالتفصيل في كتاب الدكتور محمد الجوادي : الأزهر الشريف و الإصلاح الاجتماعي و المجتمعي ، دار الكلمة ، القاهرة ، ٢٠١٤]

شارك هذا المحتوى مع أصدقائك عبر :
x

‎قد يُعجبك أيضاً

أيمن نور للجزيرة مباشر: المؤرخ محمد الجوادي نموذج للمفكر المصري (فيديو)

نعى أيمن نور رئيس اتحاد القوى الوطنية المصرية، الطبيب والمؤرخ المصري محمد ...

WP Twitter Auto Publish Powered By : XYZScripts.com