الرئيسية / المكتبة الصحفية / الدكتور #أحمد_الحوفي الأستاذ الذي ارتبط اسمه بالبطولة في الأدب العربي

الدكتور #أحمد_الحوفي الأستاذ الذي ارتبط اسمه بالبطولة في الأدب العربي

كان الدكتور أحمد محمد الحوفي ١٩١٠- ١٩٨٣ واحدًا ممن يصدق على هم القول إن عمرهم قُصر عن أن يحقق لتلاميذهم أملهم فيهم، فقد توفي مبكرا بالنسبة لأقرانه، وخاصة إذا ما قورن بنظيره الدكتور شوقي ضيف 1910- 2005، الذي امتد به العمر اثنين وعشرين عامًا بعد وفاة الحوفي)، ومع هذا فقد كان اسم الحوفي منذ مرحلة مبكرة قد احتل المكانة اللائقة به علما من أعلام الدراسات الأدبية الأفذاذ وكان اسمه وسمته وأداؤه وحضوره ونشاطه مميزا إلى أقصى حد حتى ليمكن القول بأنه كان يؤدي دور البطولة بين أساتذة الأدب العربي الكبار في ذلك الجيل الذي حفل بأكثر من عشرة من المشاهير منهم لكن الحوفي فيما بينهم كان بمثابة البطل القياسي .

 

يمثل الدكتور الحوفي في جيله من الأساتذة نموذجًا نادرًا للأساتذة الاكاديميين المصريين، وهو نموذج قريب من النماذج التي تنتعش في نظم التعليم البريطانية، ذلك أنه واحد من القلائل الذين أتموا رسالتيهم للماجستير والدكتوراه معا في أربع سنوات، وقد حصل على الامتياز في كليهما وقد أتمهما بعد أن بلغ النضج العلمي، واختير للعمل في الجامعة وهو مستوف لخصائص الأساتذة وسمتهم من قبل أن يحصل على الشهادتين، وذلك حين ارتأت دار العلوم (بعدما أصبحت كلية) أن تدعم هيئة تدريس بعدد من خريجيها الأفذاذ، فاختارته عام 1948 مدرسًا مساعدًا (وذلك بعد تخرجه باثني عشر عامًا عمل فيهما مدرسًا بالتعليمين الابتدائي والثانوي)، ولم يكن من الصعب على الدكتور أحمد الحوفي أن يتفوق في إنجاز رسالتيه، فقد كان قد ألف وهو طالب كتابًا عن النسيب في شعر شوقي وقد كتب مقدمة هذا الكتاب أستاذه الدكتور محمد مهدي علام، وبلغ من اعتزاز الدكتور محمد مهدي علام بهذه المقدمة أنه أشار إليها مرتين في صفحة واحدة في كتاب المجمعيين، والحق أن الحوفي كان فخرا لأساتذته على نحو ما كان فخرًا لطلابه وعارفي فضله، وأحسبني واحدًا منهم. فقد كان رحمه الله واحدًا من الذين شرفوني بمنحي جائزة مجمع اللغة العربية في الأدب 1978، وكان لتقديره لي ولبحثي مذاق خاص لا أزال أحس بزهوه الباعث على النشوة، رغم مضي أكثر من أربعين عامًا.

نشأته وتكوينه

ولد الدكتور أحمد محمد الحوفي بالقرب من دمنهور عاصمة إقليم البحيرة سنة 1910م. وتلقى تعليمه الأولي بكتاب القرية، حيث حفظ القرآن الكريم والتحق بالمدرسة الابتدائية بدمنهور، وبعد أن أنهى دراسته الابتدائية التحق بتجهيزية دار العلوم، ثم بدار العلوم العليا وتخرج منها عام 1936 في الدفعة التي تخرج فيها زميلاه اللامعان: العميد الدكتور محمود قاسم أستاذ الفلسفة الإسلامية، والشاعر العظيم محمود حسن إسماعيل ١٩١٠- ١٩٧٧، وبعد تخرجه عمل الدكتور أحمد الحوفي مدرسًا بالمدارس الابتدائية والثانوية بوزارة المعارف (التربية والتعليم) إلى أن عين، كما ذكرنا، مدرسًا مساعدًا بها سنة 1948، وحصل على الماجستير في سنة 1950م، والدكتوراه في سنة 1952، وعين مدرسًا فأستاذًا ورئيسًا لقسم الدراسات الأدبية، وبعد بلوغه سن الستين عين أستاذًا غير متفرغ بالكلية.

أستاذيته البارزة في حقبة ١٩٥٢

عرف الدكتور أحمد الحوفي في جيله أستاذا جامعيا بارزا مواكبا للعصر والحياة. ولكنه لم يسلك مسالك التبشير بالاشتراكية أو الشمولية أو الزعامة المطلقة، وإنما اختط لنفسه طريقين آخرين متوازيين كان قادرًا على المضي فيهما من دون أن يخون نفسه وفكره. ففي الصعيد الأول آثر دراسة معاني الوطنية والقومية والبطولة والحماسة، وله في هذا المجال كتاب شهير هو القومية العربية في الشعر الحديث، كذلك التفت الحوفي إلى نوع مهم من الدرس الأدبي الاجتماعي تمثل في الكتابة عن البطولة من مفهوم إسلامي في كتابه البطولة والأبطال، وفي الصعيد الثاني أعطى الدكتور أحمد الحوفي وقتًا كثيرًا للإسلاميات، وهكذا توثقت علاقة أستاذ الأدب الدرعمي بلجان عديدة في المجلس الأعلى للشئون الإسلامية منها لجنة التعريف بالإسلام، ولجنة الخبراء. وفي هذا الميدان نشر الحوفي مجموعة من الكتب الدينية القيمة. وفي هذا الإطار عني الدكتور الحوفي أيضا بدراسة حياة عدد من أعلام الحضارة الإسلامية كان منهم الجاحظ، والطبري، والتوحيدي، والزمخشري، وابن خلدون، وابن الأثير.

 

 

تأريخه للأدب العربي

بالإضافة إلى هذين التوجهين فقد كان الدكتور الحوفي يواصل، عامًا بعد آخر، التأليف التقليدي والمتميز في الأدب العربي في عصوره المختلفة واضعًا بهذا مجموعة من أكمل المجموعات التي تناولت تاريخ الأدب العربي، وأبرز ملامحه، فقد وضع عن العصر الجاهلي أربعة كتب مهمة تناولت ملامح الحياة العقلية والأدبية فيه مقدما في الوقت ذاته قراءة ذكية ومستوعبة لنصوص الشعر الجاهلي، وهذه الكتب المراجع هي:

– الحياة العربية من الشعر الجاهلي، المرأة في الشعر الجاهلي، الغزل في الشعر الجاهلي، أغاني الطبيعة في الشعر الجاهلي، كذلك وضع الدكتور الحوفي في عصر صدر الإسلام والعصر الأموي أربعة كتب أخرى: بلاغة الإمام على، أدب السياسة في العصر الأموي، الخطابة السياسية في العصر الأموي، تيارات ثقافية بين العرب والفرس.

 

وبالإضافة إلى هاتين المجموعتين (مجموعة الأعلام ومجموعة العصور) فقد نشر الدكتور الحوفي دراسة يصدق على ها الوصف القائل بأنها متعددة العصور عن الفكاهة في الأدب العربي. كما نشر أخرى مجموعة من الدراسات في ميدان الأدب العربي الحديث. وكان للدكتور الحوفي كثير من المقالات التي تزخر بها الدوريات العربية، كما كان الدكتور أحمد الحوفي بالإضافة إلى هذا كله من الرعيل الثالث من مؤلفي الكتب المدرسية في مصر، وقد اشترك في تأليف كتاب المطالعة الوافية مع الدكاترة والأساتذة مهدي علام، وعلي السباعي، وعلي النجدي ناصف، وعباس حسن.

ولعه بأمير الشعراء شوقي

كان الدكتور أحمد الحوفي مولعا أشد الولع بأحمد شوقي وشعره وشاعريته، وقد حقق ديوان شوقي وشرحه في جزأين. ومن الجدير بالذكر أن للحوفي في المكتبة العربية (بالإضافة إلى تحقيقه لديوان شوقي) ثلاثة كتب: وطنية شوقي، والإسلام في شعر شوقي، والنسيب في شعر شوقي. درس الدكتور أحمد الحوفي بتعمق عدد امن الجوانب في شعر هذا الشاعر العبقري أمير الشعراء، وكانت الوطنية هي أبرز هذه الجوانب التي تناولها بالدراسة، ويمثل كتابه الوطنية في شعر شوقي دراسة رائدة في عصر لم يكن يرحب بمثلها، ولكن الحوفي كان من الذكاء بحيث تمكن من صياغتها جامعا بين رضا العصر والسياسة، وبين توصيل رسالته، وأبان عن جوانب من شعر شوقي كادت تطمس في ذلك العصر.

 

وفي هذا الصدد، فإنه ينبغي لنا ألا ننسى أن شعر شوقي نفسه تعرض في ذلك العصر للاختزال والاختصار والتقليم وحذفت من بعض دواوينه كثير من الأشعار، وبخاصة تلك التي مدح فيها أفرادًا من الأسرة العلوية، وقد ظن بعض المسئولين عن الأدب والثقافة في عصر الثورة أن هذا بعض حقهم بل بعض واجبهم، ومن هنا تأتي أهمية دراسات الحوفي المبكرة عن هذه الجوانب القيمة في شعر أمير الشعراء، وينطبق هذا بصورة أبدع على دراسته الثانية في شعر شوقي، وهي تلك التي تحمل عنوان الإسلام في شعر شوقي، وتمثل هذه الدراسة توجها مميزًا للدكتور الحوفي في الدرس الأدبي تأثر بالطبع بروافد ثقافته الأولى التي ارتبطت بالقرآن،، فضلًا عن المجتمع الذي عاش فيه واستكمل درسه وبحوثه.

عضويته في المجمع اللغوي

انتخب الدكتور أحمد الحوفي عضوًا في مجمع اللغة العربية عام 1973 في سن مبكرة عن أقرانه، وكان انتخابه في الكرسي الواحد والثلاثين خلفًا للأستاذ مصطفى نظيف، الذي كان أول من شغل هذا الكرسي، وقضى في هذه العضوية عشر سنوات كان نشاطه فيها واضحًا ولامعًا، كما كانت له مساهمته الفعالة في نشاط لجنة المعجم الكبير، ولجنة ألفاظ الحضارة الحديثة، ولجنة الأدب، وكان صاحب فضل في ترشيح عدد من العلماء الذين انضم بعضهم إلى المجمع بالفعل، كما كان المتحدث باسم المجمعيين في تأبين ثلاثة من المجمعيين هم: الشاعر عزيز أباظة ١٩٧٣، وأستاذه الأستاذ عبد الحميد حسن ١٩٧٦، والشيخ على الحفيف١٩٧٨ . كما أنه هو الذي استقبل كلًا من الشاعر محمد عبد الغني حسن، والشيخ أحمد هريدي.

شارك الدكتور الحوفي في عدة مؤتمرات أدبية وفكرية وإسلامية في بغداد، ومكة، وطرابلس، كما كان عضوًا باللجنة التأسيسية لجامعة الشعوب العربية والإسلامية التي أعلن الرئيس السادات عن تأسيسها بديلا لجامعة الدول العربية

وقد تولى الدكتور إبراهيم أنيس استقبال الدكتور أحمد الحوفي في مجمع اللغة العربية. كما ألقى الدكتور شوقي ضيف كلمة المجمع في تأبينه. ومن الجدير بالذكر أن الشاعر محمد عبد الغني حسن اللاحق به في العضوية والسابق على ه في المولد والتخرج رثاه بقصيدة عصماء ألقاها في حفل تأبينه، وعلى الرغم من تخصص الدكتور أحمد الحوفي في الأدب وشهرته العارمة في بحوثه ومؤلفاته، واستغراق الدراسات الأدبية لنشاطه فإنه أضفى على بحوثه في المجمع طابع الدرس اللغوي، وقدم عددًا من المقترحات في لجنة الألفاظ والأساليب، وعلى سبيل المثال، فإنه قدم لمجمع اللغة العربية بحثًا عن لا نافية أصلية محذوف ما بعدها، كما حقق معنى كلمة الأريسيين التي وردت في كتاب النبي إلى هرقل

مشاركاته في المؤتمرات

شارك الدكتور الحوفي في عدة مؤتمرات أدبية وفكرية وإسلامية في بغداد، ومكة، وطرابلس، كما كان عضوًا باللجنة التأسيسية لجامعة الشعوب العربية والإسلامية التي أعلن الرئيس السادات عن تأسيسها بديلا لجامعة الدول العربية عند مقاطعة العرب لمصر عقب معاهدة السلام. كذلك فقد كان عضوًا في المجلس القومي للثقافة والإعلام، وهو أحد المجالس القومية المتخصصة.

شهادات أقرانه

تحدث الدكتور إبراهيم أنيس عميد دار العلوم عن صحبته للدكتور أحمد الحوفي وقراءته لمؤلفاته فقال في استقباله: عضوا بمجمع اللغة العربية:

” .. قرأتها كلها والحمد لله !! فقد كان يقررها على حين يهديها إليّ، وكنا نستأنس بها في ندوات علمية أو خلوات علمية، حرصنا في السنين الأخيرة على أن نعقدها معا بانتظام، يعلمني فيها ما لم أكن أعلم ويتعلم مني ما لم يكن يعلم، فلا تكاد تنتهي الندوة أو الخلوة حتى نكون قد اهتدينا إلى رأي سديد، أو فكرة جديدة في مسألة علمية. ويستطرد الدكتور إبراهيم أنيس فيقول: ولما ألفت منذ ما يقرب من عشرين عاما كتابا في دلالة الألفاظ كان على أن أتصل بأمثال الدكتور الحوفي، وأن أوثق صلتي بهم حتى أستطيع تحديد المعنى تحديدا دقيقا لبعض الكلمات ذات الدلالة المجردة مثل (السماحة، الكياسة، العفة، النزاهة، الإخلاص، الوفاء) فأوشكت دلالتها بعد ذلك أن تصبح في ذهني دلالة حسية، لأنها تمثلت أمامي في صورة حية بين السجايا التي يتحلى بها أمثال الدكتور الحوفي!!.

 

وقال عنه الدكتور إبراهيم أنيس:

….” يمضي في حياته في هدوء وسكون وسلام، وهو في نفس الوقت واضح جلي، لا التواء عنده ولا مواربة، يجيد الصمت كما يجيد الكلام، فيحسن الاستماع إلى الناس، ويستمتع الناس بحلو حديثه، ثم لا يغريه ذلك أبدًا بالصمت عن كلمة الحق ولا إلى أن يبتلي بشهوة الكلام.

آثاره:

يمكن لنا أن نقول إن نشاط الحوفي التأليفي توزع على خمس دوائر كبيرة.

الأولى: دائرة الأدب العربي القديم، وله فيها ثمانية مؤلفات:

– الحياة العربية في الشعر الجاهلي.

– المرأة في الشعر الجاهلي.

– الغزل في العصر الجاهلي.

– أغاني الطبيعة في الشعر الجاهلي.

– تيارات ثقافية بين العرب والفرس.

– بلاغة الإمام على .

– أدب السياسة في العصر الأموي.

– الخطابة السياسية في العصر الأموي.

والدائرة الثانية: هي دائرة الأدب العربي الحديث، أو الشوقيات على وجه الخصوص، وله فيها:

– ديوان شوقي (جزآن)، تحقيق وشرح.

– وطنية شوقي.

– الإسلام في شعر شوقي.

– النسيب في شعر شوقي.

– القومية العربية في الشعر الحديث.

والدائرة الثالثة: هي دائرة التراجم والسير وله فيها:

– ابن الأثير.

– الجاحظ.

– الطبري.

– أبو حيان التوحيدي.

– الزمخشري

– ابن خلدون.

– مع ابن خلدون.

والدائرة الرابعة: هي الدائرة الإسلامية، وله فيها:

– مع القرآن الكريم، جزآن.

– سماحة الإسلام.

– تحت راية الإسلام.

– الجهاد.

– من أخلاق النبي.

أما الدائرة الخامسة: وهي الكتب المتنوعة، فله فيها:

– البطولة والأبطال.

– الفكاهة في الأدب العربي.

– حصاد القلم.

ومن بحوثه اللغوية في مجمع اللغة العربية:

– دراسات قرآنية: حذف المقابل لما بعد (لا) النافية للمساواة.

– من إيجاز الحذف في القرآن الكريم.

– وزن (فُعالة) الدال على نُفايات الأشياء ومتناثراتها وبقاياها.

– كلمة الأريسيين في كتاب النبي، إلى هرقل.

– أسلوب قرآني فريد: الاكتفاء بالتذييل عن جواب الشرط.

– الشمال والجنوب.

– المعاني الحقيقية للإحسان.

– الأمي والأميون في القرآن الكريم.

– بحث لا نافية أصلية محذوف ما بعدها.

من التراث اللغوي:

– كتاب الملاهي وأسمائها.

– غرائس الزمخشري اللغوية.

 

 

 

تم النشر نقلا عن موقع مدونات الجزيرة
لقراءة المقال من مدونات الجزيرة إضغط هنا
للعودة إلى بداية المقال إضغط هنا

شارك هذا المحتوى مع أصدقائك عبر :
x

‎قد يُعجبك أيضاً

أيمن نور للجزيرة مباشر: المؤرخ محمد الجوادي نموذج للمفكر المصري (فيديو)

نعى أيمن نور رئيس اتحاد القوى الوطنية المصرية، الطبيب والمؤرخ المصري محمد ...

WP Twitter Auto Publish Powered By : XYZScripts.com