الرئيسية / المكتبة الصحفية / وزراء الدرجة الأولى ووزراء الدرجة الثانية

وزراء الدرجة الأولى ووزراء الدرجة الثانية

تاريخ النشر : ٢٠١١/٨/٢١

رفعت الدكتورة فينيس جودة وزيرة البحث العلمى السابقة قضية على الدولة حتى تحصل على حكم باعتبارها وزيرة سابقة!! واستمر نظر القضية وقتا طويلًا. حدث هذا لأنه فى السنوات العشر الأخيرة من عهد الرئيس مبارك، حين بدأ الإحساس بالألوهية يتأصل فى مؤسسة الرياسة المصرية، سن الرئيس قاعدة تجعل الوزراء على درجتين وزراء حقيقيون يستحقون مزايا الوزراء، ووزراء عارضون لا يستحقون هذه المزايا.

وقد جعل الرئيس استحقاق معاملة الوزراء السابقين لا تتم إلا لمن قضى أربع سنوات على الأقل. بهذا التقليد الواضح سن الرئيس سنّة التفريق بين وزراء الرضا، ووزراء المصادفة الذين لا يستحقون الرضا. وقد كان أول الذين عانوا هذه التفرقة العنصرية وزراء كمال الجنزورى الذين خرجوا من الوزارة بخروجه، ولم يستحقوا المزايا العينية والسرية الأخرى. كان الظاهر للناس القريبين من مثل هذه الأمور أن المقصود بهذا الإجراء شخص واحد هو طلعت حماد، الذى كان قد حقق مكانة متقدمة فى فرض شخصيته على دولاب العمل فى الدولة بحيث أصبح هو وحده صاحب القرار بعد الظهر، نظرًا لأن مبارك ينتهى من أداء وظيفة الرئاسة فى الثانية ظهرًا على أكثر تقدير، ويترك لشئون مجلس الوزراء القيام بهذا الدور، الذى جلب عليه كل الأحقاد والأسافين والكراهيات والمؤامرات، حتى إن منصبه نفسه ألغى بخروجه من الوزارة ولم يعد حتى الآن. من سوء الحظ أن الذين أخذوا بذنب طلعت حماد كانوا كثيرين، وكان من أولهم الذين دخلوا معه وخرجوا معه، أما الجنزورى نفسه فكان وزيرًا قديمًا من 1982، ومن ثم لم ينطبق عليه ما انطبق على طلعت حماد، ومحيى الدين الغريب الذى تطور معه الأمر حتى دخل إلى السجن مدانا وخرج بريئا، وسليمان رضا سليمان الذى سرعان ما توفى، وظافر البشرى الذى نجا من كل هذا الألم بفضل كراهيته للمعان، وانطبقت هذه القاعدة على نوال التطاوى التى كانت قد خرجت بسرعة قبل أن يتم الجنزورى وزارته، كذلك انطبق الوضع على مرفت تلاوى التى دخلت فى يوليو 1997، وسرعان ما خرجت فى نوفمبر 1999. كذلك انطبق هذا على فينيس كامل جودة وأمثالها ممن دخلوا فى آخر وزارات عاطف صدقى نوفمبر 1993، وخرجوا عند تشكيل الجنزورى لوزارته أو أثناءها وهم على عبد الفتاح وماهر مهران وصلاح حسب الله ومحمود محمد محمود وإبراهيم فوزى ومحمد عبد الهادى راضى الذى توفى، ووزراء حكومة على لطفى (محمد فتحى محمد على وحلمى الحديدى ومنصور حسين ووليم نجيب سيفين وعبد الرحمن لبيب) وانسحب هذا بأثر رجعى على الوزراء السابقين الذين لم يعملوا إلا لأقل من أربع سنوات مثل الشيخ إبراهيم الدسوقى والمستشار عادل عبد الباقى والاحمدى أبو النور وأحمد رشدى وأحمد هيكل وزكى بدر وأحمد رضوان ومحمد السيد الغرورى وسلطان أبو على ومحمد عبد الحليم موسى وفؤاد اسكندر وعدلى عبد الشهيد وفؤاد هاشم وعادل طاهر وفؤاد أبو زغلة ويوسف صبرى أبو طالب ووجيه شندى ومصطفى السعيد وسعد مأمون وناجى شتله والسيد على السيد وعبد السلام عبد الغفار ومحسن صدقى. أما الشيخ جاد الحق على جاد الحق فقد كان من حظه أن صعد إلى منصب شيخ الجامع الأزهر، وكذلك صعد فتحى سرور إلى منصب رئيس مجلس الشعب. أما نادية مكرم عبيد التى دخلت الوزارة فى يوليو 1997، مع مرفت تلاوى، فكانت محظوظة بعض الشىء (وإن كانت حياتها فى مجملها محظوظة بأكثر مما يتوقع أى إنسان)، ذلك أنها بقيت حتى نوفمبر 2001، وبهذا حققت أقدمية السنوات الأربع. تروى المجتمعات المخملية أن نادية مكرم عبيد كتبت إلى الرئيس خطابا جريئا تسأل فيه لماذا أخرجت من منصبها؟ إن الناس يقولون لها إن جمالها هو الذى أبعدها، فهل هذا صحيح؟ كان رد الرئيس مبارك أن كلف تابعه القديم (والجديد والحالى) عمرو موسى أن يمنحها فرصة فى الجامعة العربية، فعينها مفوضة لشئون السودان مع أنها لم تكن لها علاقة بأى سودانى على وجه الأرض، وسرعان ما ظن الدكتور ميلاد حنا أنهم كانوا يبحثون للمنصب عن قادر عليه فأظهر حزنه لأنه هو القادر، قيل له: لم نكن نبحث للمنصب عمن هو قادر عليه، وإنما كنا نبحث له عمن هو محتاج إلى وجاهته وماله، ولم يقتنع الرجل وكتب أكثر من مقال حوارى، عبر بها عن ضيقه، وتحملت الدولة ضيق الرجل. جاء عاطف عبيد فى نوفمبر 1999، واستمر حتى يوليو 2004، هكذا فإن الذين جاءوا معه وخرجوا معه لم تصبهم لعنة وزراء الطبقة الثانية، لكن المصادفة أن بعض الذين جاءوا معه خرجوا بعد فترة قصيرة من وزارته. فقد خرج الدكتوران مصطفى الرفاعى، وأحمد الدرش فى نوفمبر 2001، وهكذا انضما إلى طائفة المظاليم. وعندما تم تشكيل أحمد نظيف لوزارته الأولى لحق بهم بعض الوزراء الذين دخلوا الوزارة فى أثناء وزارة عاطف عبيد لا فى بداياتها، وهؤلاء هم: ممدوح رياض الذى دخل الوزارة فى نوفمبر2001م، وحمدى الشايب الذى دخلها فى مارس 2002م، وتوفى قبيل تشكيل وزارة أحمد نظيف، ومحمد عوض تاج الدين الذى دخل فى مارس 2002م، وخرج فى ديسمبر 2005م، أما حسن يونس وفايزة أبو النجا وأحمد شفيق فقد استمروا إلى نهاية عهد مبارك ثم ما بعد مبارك. لكن مجموعة المظاليم فى وزارة أحمد نظيف الأولى كانت لافتة للنظر بطريقة قاسية، ذلك أن أحمد نظيف شكل وزارتين فى يوليو 2004م، وفى ديسمبر 2005م، وقد سارع فى ديسمبر 2005م، بالتخلص من عدد من الوزراء البارزين الذين كانوا قد دخلوا الوزارة معه فى يوليو 2004م، وكان هذا غريبا على خلفيات الناس عن وزارات مبارك. ومن العجيب أن هؤلاء الذين خرجوا كانوا من أفضل الجدد الذين ضمتهم وزارة نظيف، فقد خرج المحافظ العتيد عبد الرحيم شحاته، ومعه المحافظ الجديد أحمد الليثى، وبعد شهور قليلة خرج أيضًا المحافظ الثالث محمود أبو الليل راشد وزير العدل (فى أغسطس 2006م)، كما خرج رئيسا الجامعتين اللذان اختيرا لشغل منصبى التعليم العالى والتربية والتعليم، أى عمرو سلامة، وأحمد جمال الدين موسى، وخرج أيضًا عصام شرف الذى أصبح أخيرًا رئيسا لمجلس الوزراء، وقد عاد هؤلاء لتولى الوزارة لكن أولهم سرعان ما خرج، أما ثالثهم فيخطط للصعود إلى رياسة الجمهورية!! وقبل أن يتم محمد لطفى منصور أربع سنوات فى الوزارة خرج هو الآخر ليفقد الجواز الأحمر بسبب شهرين فقط، وذلك على خلاف يسرى الجمل الذى كسر حاجز السنوات الأربع هو وأخوانه حاتم الجبلى وعلى مصيلحى وأمين أباظة وعائشة عبد الهادى وهانى هلال وزهير جرانة وبعض هؤلاء فى طرة وبعضهم ينتظرها، وقد لحق بهم فى استكمال السنوات الأربع وزيرا التعديل الأول لوزارة نظيف الثانية وهما ممدوح مرعى، ومحمد عبد السلام المحجوب. ولما انتهى عهد مبارك كان هناك أربعة وزراء من وزراء نظيف الجدد لم يكملوا السنوات الأربع وهم: محمد نصر الدين علام، ومشيرة خطاب، وأحمد زكى بدر، وعلاء فهمى. هل هى مصادفة أن أكثر من نصف وزراء مبارك الذين وصل عددهم 131 وزيرًا يمثلون وزراء الدرجة الثانية حسب مفهومه هو.. أو مفهوم زكريا عزمى؟ أم أن المصادفة الأكثر وقعًا هى أن ما يقرب من نصف وزراء مبارك قد تخطوا فى مناصبهم أربع سنوات؟

للعودة إلى بداية المقال إضغط هنا

شارك هذا المحتوى مع أصدقائك عبر :
x

‎قد يُعجبك أيضاً

أيمن نور للجزيرة مباشر: المؤرخ محمد الجوادي نموذج للمفكر المصري (فيديو)

نعى أيمن نور رئيس اتحاد القوى الوطنية المصرية، الطبيب والمؤرخ المصري محمد ...

WP Twitter Auto Publish Powered By : XYZScripts.com