الرئيسية / المكتبة الصحفية / العلامة الدكتور يوسف القرضاوي من وجهة نظر أستاذ فلسفة وتاريخ العلم أ‌. د. محمد الجوادى

العلامة الدكتور يوسف القرضاوي من وجهة نظر أستاذ فلسفة وتاريخ العلم أ‌. د. محمد الجوادى

 

 

(1)

كان العلامة يوسف القرضاوي طليعة الجيل الذكي الجسور الذي اقتحم الحياة الاكاديمية بثقة واقتدار موفقا ومؤنقا ، وحاسرا كاسرا للاطار الحديدي الذي فرض بقسوة علي شباب الازهريين لعزلهم عن الحياة الاكاديمية للوصول الي قتل قانوني متعمد للأزهر وتعليم العلوم الاسلامية في مصر ومن ثم في البلاد الاسلامية التي لم ينجها من ضياع الاسلام الا التنمية التي واكبت توظيفا ذكيا لثروة البترول التي يسرها الله للعرب من حيث لم يحتسب اعداء الاسلام ، كان الشيوعيون واللا دينيون اللذين كلفوا بإنفاذ بهذه الفكرة من الاجرام بحيث حاربوا انفسهم أيضا ضمن حربهم علي الازهر وعلماء الازهر وخريجي الازهر اللذين يريدوا ان يسيروا في طريق العلم.

 

كان الانصاف العلمي الطبيعي يقتضي ان ينال القرضاوي باعتباره اول دفعته بعثة للدراسة في الخارج :  في السوربون اوفي لندن او  في المانيا  لكن هذا لم يحدث بل إنه لم ينل حقه الطبيعي في ان يكون معيدا في كليته مثلما اصبح كل من اول الزراعة او التجارة او دار العلوم معيدا في كليته  وقد كان الوضع في الازهر يعترف بوجود الكليات من اوائل الثلاثينيات لكنه يتيح لأوائل الخريجيين فرصة اخري بان يبدأوا في العمل في مستويات اوسع افقا من الجامعة ‘ ثم يدخلون الي الجامعة بعد ان يحققوا النضج والتجويد كمدرسين وكأساتذة  صقلوا مواهبهم وخبراتهم وعلمهم خارج نطاق المدرج الحدود او القاعة الصغيرة.

 فلما بدأت الاتاتوركية المصرية خطواتها المقصية للاسلام اضافت بديلا مأساويا لم يحدث علي مدي تاريخ الازهر صاحب الاوقاف ومالك الابعاديات  فاذا بحكومة العهد الجديد عبر مسارب مستترة  تترك الخريجين الازهريين بلا عمل علي الاطلاق  وتنهي اليهم بطرق غير مباشرة ان عليهم ان يبحثوا عن الفرص المتاحة  في اي بلد عربي اواسلامي او ان يقبلوا بوظائف مؤقتة لا تتكافأ مع مؤهلاتهم من قبيل القيام بالتدريس بالحصة في المدارس الابتدائية التي كانت تعاني من نقص هيئات التدريس .

(2)

ومن المفارقة ان هذا الافتراء كان قريبا من الموقف الذي وجد القرضاوي نفسه فيه  وقد كان من الممكن له ان يبقى بلا عمل علي الاطلاق بينما كان هو نفسه هو اول الشهادتين العالية (الليسانس) والعالمية ( التي هي مناظرة لدرجة الدكتوراة أو الماجستير على اقل تقدير على نحو ما سنبين بعد فقرات ) علي حين كان الخريج الاقل من العادي (أي الأخير مثلا في الدفعة ) في الدفعة السابقة له بثلاث دفعات او دفعتين فقط قد عين فور تخرجه مباشرة بمرتب متميز يكافئ الشهادتين اللتين حصل عليهما وذلك بفضل سياسة انتهجها الوفد العظيم ( بالثلاثي العظيم النحاس وسراج الدين وطه حسين ) في نشر التعليم كالماء والهواء وتوفير الكفاءات الجامعية لمدارس وزارة المعارف والمعاهد الدينية ، وهو ما دفع الحكومة الي تعيين كل الخريجيين الذين تمكنوا من الحصول علي دبلوم معهد التربية العالي ( أو تخصص التدريس الذي كانت كلية اللغة العربية تمنحه) بعد شهاداتهم الجامعية  و كان من هؤلاء خريجون في كليات الهندسة و الطب  البيطري والزراعة والفنون الجميلة والفنون التطبيقية فضلا بالطبع عن خريجي كليات العلوم والآداب والشريعة و اصول الدين واللغة العربية ودار العلوم . وقد  ظل هؤلاء يحملون مسئولية التعليم باقتدار حتي العقد الاول من عهد مبارك .

وسرعان ما حلت لعنة بعض القرارات المغرضة التي مررتها ثورة 1952 دون وعي او بوعي خبيث . حلت هذه اللعنة علي من تخرجوا في بداية عهد ثورة 52 وبقي بعضهم بلا عمل نظامي ودخل ثابت حتي 1962 حين أخذت الدولة بسياسة تعيين الخريجين في إطار التوجه المركزي للدولة الذي شهد ايضا تطبيق القوانين الاشتراكية والتأميم وتطبيق المرحلة الثانية من قوانين  الاصلاح الزراعي .

كان يوسف القرضاوي أول كلية اصول الدين في مقدمة هؤلاء المظلومين،  وقد حلت به متاعب  ومعقبات لعنتين اخريين استحسنت ثورة 1952 ان تمارسهما،  فقد اصبح ملاحقا لأنه كان سياسيا منتميا علي نحو ما تتمنى الدولة اية دولة من النوابغ وكان مما يشرفه انه  ينتمي الي الجماعة التي كانت بقواعدها الواسعة الممتدة المتشعبة هي الاحق بتولي الحكم لكن الضباط آثروا ان يمارسوا الحكم بدلا من الحرب وان يمارسوا الحكم بدلا من الشعب ، وكان لابد لهم كي يؤمنوا كراسيهم ان يلاحقوا كل  الوطنيين المنتمين ايا ما كانت انتماءاتهم بالسجن والفصل والتشريد والتشويه والتعذيب  والتهجير والنفي .

وكانت اللعنة الأخرى ان 1952 بدأت في سرية و دأب ( وبغطاء ذكي منافق ) تطبيق بروتوكولات محاربة الاسلام بأفظع صورها متفوقة بهذه الممارسات علي ما حدث من قبل في تركيا والبانيا وفي الاتحادين السوفييتي واليوغسلافي  وفيما عرف باسم الجمهوريات الاسلامية السوفييتية ، و في الاجزاء المقتطعة من العثمانيين التي اصبحت تحت سيطرة الدول التي سرعان ما تجمعت فيما سمي بحزب وارسو .

(3)

لم يكن زملاء القرضاوي المتخرجون في كلية الشريعة يتصورون انهم سيبعدون تماما عن فكرة القضاء الشرعي ، ولا ان هذا القضاء نفسه سوف يلغي نهائيا  ، ولم يكن زملاؤه المتخرجون من كلية اصول الدين يتصورون انهم سيحجبون عن قيادة الدعوة في وزارة الاوقاف ، وسوف يكون اقصي ما هو مسموح لهم به ان يصلوا اليه هو منصب وكيل المديرية لان منصب المدير اصبح من باب النكاية في الاسلام وعلماء الاسلام مقصورا علي المهندسين تحت دعوي حاجة مباني الاوقاف  والمساجد الي  صيانة هندسية  وكأن مدير الاوقاف هو الذي سيمارس الصيانة بنفسه  .

لكن الاصعب من هذا وذاك ان هؤلاء الخريجين المتفوقين اصبحوا دون قرار واضح ممنوعين من ان يستكملوا دراساتهم العليا في رحاب الازهر الشريف نفسه .

كانت هناك منذ قانون تطوير الازهر في 1930 عالميتان  تناظران ما كان معروفا في بريطانيا وفرنسا من وجود درجتين للدكتوراة : الاولي وهي الاصغر تسمي في فرنسا دكتوراه الجامعة وفي بريطانيا دكتوراه الفلسفة  ، والثانية وهي الاكبر تسمي في بريطانيا دكتوراة العلوم وفي فرنسا دكتوراة الدولة.  

  • وكانت عالمية الازهر الكبري تسمي العالمية من درجة استاذ كما كانت تسمي تخصص المادة .
  • وكانت عالمية الازهر الصغرى او الاولي تسمي عالمية  المهنة او الوظيفة .

وعلى عادة علماء الازهر الشامخين فان أحدا منهم لم يشغل باله بان يؤكد أو يحدد مكانة الشهادات الأزهرية الخمس من جداول الاجور او جداول البروتوكول ، ولميكن هذا خطأ تاما وانما كانت له دواعيه في مجتمع كان يحتفظ لفئاته  بامتيازاتها الادبية دون حاجة الي الوعاء الشمولي لكن الايذاء جاء مع طوفان الشمولية فيما بعد .

لكن الامر لم يخل من تقدير مادي هنا وهناك على نحو ما كان معروفا فيما كان يسمي بفارق الكادرين .

 

وقد ظلت مصر الرسمية  فيما نسميه العهد الليبرالي الذي بدأ بعد ثورة 1919 تحترم العالميتين  وتعاملهما علي هذا النحو المتميز ، وكانت عالمية الاستاذية تتطلب تقديم رسالة علمية ، علي حين لم تكن العالمية الاولي تقتضي تقديم ما نعرفه علي انه رسالة مستعيضة عن الرسالة بما هو افضل منها في تكوين العلماء وهو اختبار ” التعيين ” ، وهو نفسه تقريبا الأسلوب الذي كانت كليات الطب تأخذ به خريجيها في تأهليهم للدراسات العليا فيما كان يعرف بالreview

 

(4)

أصبح علي يوسف القرضاوي في مقتبل حياته أن يفكر دون ذنب جناه في الاختيار بين ثنائية الحرية والاغتراب أو أن يفقد الحرية والعلم معا من دون يعرف أن هذا الاختيار هو في حد ذاته اختبار العمر كله ، فقد أصبحت الحرية مستحيلة مع التوطن ،  وهو يحس ويشعر ويدرك   ما  يراه بنفسه  وما يعانيه غيره من ملاحقة محمومة ومتكررة وغير مبررة ، بل وهو يرى نفسه  محجوباً عن مواقع التأثير بحكم بروتوكولات خفية طبقت قبل هذا في تركيا وألبانيا وغيرها من أجل القضاء المبرم على روح الإسلام  ووجوده .

 كانت الحرب على الحرية  تسير في نعومة  ودأب وبأساليب ملتوية لا تصرح بأنها حرب على الحرية   ولم تكن هذه الحرب في جوهرها  لمنع الحرية ولكن لوأد التوجه الاسلامي ،  كما لم تكن هذه الحرب تترك فرصة للأخوة المواطنين  ليكتشفوا أنها تستهدف الاسلام لا الحرية وحدها ، ولم يكن القرضاوي ( ولا اي من أقرانه )   مهما أوتي من دهاء التاريخ بقادر على أن يدرك المدى المتوقع لهذه الأزمة التي بدت وكأنها مجرد فعل سياسي محدود بينما كانت هي السحابة الكفيلة بان تخيم على مستقبله العلمي كله حسب بروتوكولات المجرمين .

  لكن القرضاوي  في الوقت ذاته  ‘ وبقدرة الفعل  الفسيولوجي الذي رزق به كل انسان مهما كان حظه من الذكاء ضئيلاً ، كان مدركاً لحقيقة  جهيرة وهي أنه لا يكاد يتنفس ، فالمناخ ليس مناخ علم  ولا بحث ، ولا مناخ  إبداع في نقل ولا عقل ، وكيف يمكن للمناخ ان يكون هكذا بينما المطلوب محدد سلفاً ، وإطار الحديث مفروض بقيود حديدية صريحة ،  والتجاوز غير جائز ، والتربص بالمتحرر أو المجتهد وصل إلى حدود لا نهاية لها من العنت والتعسف ، وأمثلة النجاح في الجيل السابق غير قابلة للتكرار ،

 كان القرضاوي يستعيد ما يسمعه عن ثورة الأزهر في 1935 فيبدو له خيالا أو يبدو وكأنه من أحداث القرون  الغابرة بينما أبطاله لا يزالون على قيد الحياة ،  والمظاهرات التي طالما شهدها في شبابه في طنطا والقاهرة على مدى الاربعينات كلها وأوائل الخمسينيات  أصبحت في خبر كان ، والعلماء الذين كان يجلجلون بالحق أصبحوا بين غائب عن الدنيا ، أو غائب عن مواقع التأثير ، وقد شهد بعينه سيارات السلطة العسكرية الجديدة تقف إلى جوار باب المسجد وهي متأهبة للقبض على الخطيب بمجرد انتهاء الصلاة إذا ما تجاوز ، وهو في الغالب سيتجاوز ‘ الصمت إلى الحق ، أوتجاوز الخضوع إلى النقد ، وان لم يكن شرطا للقبض عليه أن يتجاوز طب  التسكين إلى طب التثوير .

 

(5)


 ونحن نلاحظ ان صراع  القرضاوي مع طلب  العلم العالي ومع ممارسة البحث العلمي كان  قاسياً إلى أبعد الحدود ، فقد تمثلت فيه أصعب العوائق وهو عائق انسداد الأبواب بينما كان هو و اضرابه الأزهريون النوابغ يبحثون عن أي كوة يخرجون بها من هذا الحصار الحديدي  حولهم ، إلى أن وجدوا فرصة أتاح لهم عدد من العلماء الموسوعيين الحقيقيين والأجلاء كانوا يقومون بأمر معهد الدراسات العربية التابع للجامعة العربية ، وكان هذا المعهد في تاريخ العلم بمثابة جامعة صغيرة ،  فانتهزها القرضاوي كما انتهزها خريجون أفذاذ من الدفعات السابقة على دفعته في الأزهر .

في ذلك الوقت لم يجد القرضاوي من الجيل السابق عليه في الوظيفة والمناصب الأزهرية من يستطيع ان يأخذ بيده على نحو ما أخذ الأولون بأيدي السابقين عليه ، فهذا هو الدكتور محمد البهي الذي استفاد من جهد القرضاوي في عونه  فيما كلفه به من عمل علمي ليس في استطاعته ولا في نيته أن يبتعث الدكتور القرضاوي لاستكمال دراسته في المانيا على نحو ما أتيح للبهي نفسه .

 ومن العجيب أن البهي لم ينل بعثة من الحكومتين المصرية أو الألمانية وإنما نال بعثة   باهرة الشكل والمعنى ،  فقد  كانت مديرية البحيرة قد ارادت تخليد ذكرى الشيخ محمد عبده  باعتباره ابنا  للبحيرة فارتأت أن يكون التخليد من خلال تمكين نوابغ الأزهر ببعثتين للسفر  إلى أوربا للدراسة والعودة ، وفاز بهاتين البعثتين من اصبح  مديراً لجامعة الأزهر ووزيرا  للأوقاف وهو الدكتور البهي ، ومن صار وكيلاً للأزهر الشريف وهو الدكتور محمد عبد الله ماضي .

 وكان من رابع المستحيلات في عصر الاشتراكية بشعاراتها الزاعقة وبضاعتها النافقة أن يجد القرضاوي فرصة كهذه .

 

(6)


 بالإضافة الى هذا ، فان مدرسة  البحث العلمي في الأزهر الشريف كانت تعاني وأداً  وقبرا من نوع آخر ، وبدأ الأزهر يعاني  من التوافق مع الانماط الاوروبية التي آثر رواد التعليم الجامعي المصري ان ينقلوها لمصر ، ومن العجيب انه علي حين كانت الجامعات المصرية نفسها قد وجدت الحل وأخذت تحترم اختلاف دراسة الطب عن دراسة العلوم فكانت تجعل الدراسات العليا في الطب تمر بمرحلتين تقتضي اولاهما الحصول  علي دبلومين أحدهما عام والآخر خاص ، ثم علي درجة واحدة  أعلي  ما بين  ماجستير الجراحة أو دكتوراه الطب الباطني ( وذلك على نحو ما هو معمول به في بريطانيا من التفريق بين شهادتي الجراحة والباطنية المتعادلتين فالتأهل في الجراحة بزمالة  لكلية الجراحة الملكية في لندن أو نظيراتها ، وفي الباطنة بعضوية في كلية الأطباء الباطنيين في لندن أو نظيراتها ) .


وكذلك كانت  الجامعة المصرية تحترم الخصوصية  المنهجية الفرنسية في دراسة القانون ، فتجعل الدراسة العليا في الحقوق من خلال دبلومين (عام وخاص)  يؤهلان مباشرة لدراسة الدكتوراه ،
 كان هذا يحدث مع الذين ولدوا مع القرضاوي في نفس العام وتخرجوا في كليات الحقوق والطب ، فإذا الجامعة المصرية لا تطالبهم  بأن يقصروا دراستهم العليا على ما تأخذ به كليتا الآداب والعلوم من رسالة للماجستير تقوم علي البحث وحده ثم رسالة للدكتوراه تقوم هي الأخرى علي البحث وحده ، واذا  بالمخطط المعادي للأزهر وللإسلام يختط سبيل التعسف مع الأزهريين  مرغما لهم على أن يكونوا رغم انوفهم صورة مشوهة من دراسي الآداب في الجامعة المصرية يقدمون رسالة للماجستير ثم رسالة  للدكتوراة وتنتهي علاقتهم بالعلم  والبحث العلمي على هذا النحو الذي هو اصغر بكثير جدا من محتوي العلوم الاسلامية  .


وقد ظل المسئولون عن التعليم الجامعي والازهري  سادرين في هذا الغي  على الرغم مما نعرفه الآن بعد فوات الاوان من أنهم كانوا قد اكتشفوا ان  هذا الأسلوب الذي أجبرت عليه كليات الآداب والدارسون للدراسات العليا فيها قد آذى هؤلاء وآذى مستوياتهم العلمية وقدراتهم .

 

(7)

و كانت الطامة الكبرى أن وجد أزهريون رواد متميزون في هذه التكأة  (شريرة الجوهر ناعمة الملمس)  أداة لإظهار تميزهم على بقية أقرانهم بطريقة سافرة التعبير ومستفزة الطابع وهي طريقة  آذت التعليم الأزهري العالي ( وتعليم العلوم الاسلامية كلها في خارج مصر ) إيذاء لانهاية  له ، وعوقته  وأخرته بل كادت تحطمه ، ومن العجيب أن هؤلاء ساروا في هذا الطريق المسدود وهم يظنون عن حق  أنهم يحسنون صنعاً .

كانت وظائف الاستاذية الحقيقية في الكليات الأزهرية مشغولة  ومتشرفة  بأقطاب في التعليم هم في الوقت ذاته شيوخ في العلم لأنهم تدرجوا في العلم وممارسته على مدى عقود ، وكان بينهم من أتم الدراسات العليا في الجامعة الأزهرية نفسها وحصل على درجة العالمية من  درجة استاذ ،  وهي العالمية التي كانت تصطحب في مؤهلاتها ومسوغاتها مناقشة رسالة علمية يشترك في مناقشتها أساتذة من خارج الازهر ، لكن اساتذة من  وزن محمد البهي  المدير الاول للجامعة الازهرية في ثوبها الجديد وطبقته  قادهم ضيق الأفق إلى أن يتجاوزا عن هذا الانجاز العلمي كله ، و يغضوا نظرهم عنه ، وأن يحرصوا على ألا  تشغل وظائف الاستاذية الا ممن حصلوا على درجات الدكتوراه من الخارج ومارسوا البحث العلمي بطريقة أثر السين علي مركبات الصاد  ، أو مقارنة جدوي النقط على الحروف في لغتين ،  أو جدوى  التسكين ودلالته في نهاية السطور  مقارنة بنهاية الجمل .. الخ .


وهكذا بدأ البهي من رأس القائمة فاختار عالمين  أزهريين اثنين  أكملهما بثالث من الجامعة المصرية ، وجعلهم عمداء ثلاثة  للكليات الأزهرية الثلاثة ، وبدأ يطلب إلى الاساتذة الممارسين أن يؤهلوا انفسهم للانتقال  من الكادر الجامعي القديم الذي كان يسير علي نمط الكادر العام إلى الكادر الجامعي المستحدث بكتابة بحوث أكاديمية من هذا القبيل وإلا فقدوا فرصة الأستاذية وما تستتبعه من قيادة مدرسة علمية .

وانتقلت هذه الحمي الي تسجيل الماجستير والدكتوراة في الازهر …الخ

وهكذا أفقد الدكتور البهي دون أن يدري (وربما بحسن نية ) أقدم جامعة  في العالم جزءاً من هويتها المتميزة في تأهيل علمائها .

(8)


ومن الطريف أن هذا الذي كان يحدث في الأزهر جاء تاليا في زمنه لتجربة ناجحة مثلت ثورة جامعية  مصرية باكرة قادها الدكتور محمد كامل حسين مؤسس جامعة عين شمس في 1950  حين تضافر مع زملائه مؤسسي الجامعة وعمدائها  واتفقوا على أن يجعلوا لها ولدراساتها العليا والجامعية طوابع مختلفة ومتميزة عن طابع جامعة القاهرة بما يتواكب مع ما حدث من تطور في النظم الجامعية في العالم المتقدم .


وهكذا أقرت جامعة عين شمس منذ نشأتها مبدأ جديداً في الدراسات العليا في الجامعة المصرية لم يكن موجوداً في جامعة القاهرة ولا ابنتها في  الاسكندرية وهو أن يكون الماجستير دراسة وبحثاً لا بحثاً فقط ، كان هذا يحدث  في عين شمس منذ مطلع الخمسينات ،  لكن رؤية البهي  كانت اضيق من ان تحيط برؤية عين شمس وهكذا ظل هو وأضرابه يظنون بل  يعتقدون أن الدراسات العليا ليست إلا رسالة ورسالة فقط ، وهم لا يعرفون انهم بما يحاولون ويصرون عليه يظلمون الازهر والأزهريين بلا مبرر ، وقد ظلموا العلوم الازهرية  والاسلامية ايما  ظلم  .

(9)

وعلى قدر كبير من الاستحياء بدأ الأزهريون المتحققون بتفوقهم  يؤسسون بأنفسهم ما فد يسمي بدراسات تمهيدية  للماجستير والدكتوراه ، يؤهلون بها تلاميذهم النوابغ من أمثال القرضاوي ليأخذوا فرصتهم في البحث العلمي والدراجات الجامعية العليا .

وقد حدث هذا مع انهم كانوا يعرفون  انها محاولة يائسة محكوم عليها بالفشل في ظل ما استقر من  عزم النظام الناصري علي  إنهاء وجود علوم الاسلام بكل السبل ، ومع هذا فإن الرياح تأتي بما تشتهي السفن احيانا  فإذا بمشروع تطوير الأزهر الذي كان يستهدف تذويب الأزهر بالتدريج يحظى ( بفضل من الله لم ينتبه اليه الزبانية ) بقدر كبير من عناية علماء مفكرين موسوعيين ، ومن عناية علماء مصريين يحبون العلم ويحبون مصر من قبيل الدكاترة و الأساتذة محمد كامل حسين وسليمان حزين ومحمد مهدي علام  ومحمد سعيد العريان ، و معهم و من قبلهم عضو مؤثر في مجلس قيادة الثورة كان يتولى في ذلك الوقت رئاسة الوزراء ووزارة التربية والتعليم وشئون الجامعات ، وهكذا أوجد هؤلاء جميعاً في نصوص تطوير الازهر ما جعلها  تتسع لما لم يحدث في الواقع إلا بعد عشر سنوات من ارتياد آفاق العلم على نحو واثق وبعيد عن قيود كبار الكتبة وعتاة البيروقراطية .

ولهذا فليس من العجيب أن تجد ان المناخ الذكي  الذي أقر للدكتور القرضاوي باستحقاقه لمواصلة دراسة الدكتوراه وحصوله عليها   مستندا في هذا الي التفسيرات الذكية  للقوانين واللوائح قد وجد علي يد  أزهري عظيم درس في السوربون وشهد حرية البحث والعلم والدراسة ، وهو الامام الاكبر الدكتور عبد الحليم محمود الذي  أجاز أن تناقش الرسائل التي كانت قد مر على تسجيلها وقت كان يؤهلها (في ظل مفاهيم البيروقراطية والحجر والتعسف ) للإلغاء لا للمناقشة.

(10)

من زاوية اخري فقد كان موضوع رسالة الدكتوراة التي سجلها الشيخ القرضاوي نفسه  قابلاً للافتراء البيروقراطي بمفهومه الجامعي الضيق المرتبط بالتخصص في درجة  الماجستير  وما قبلها وهي مفاهيم عفا عليها الزمن في العالم كله إلا في مصر ،  فقد كان الموضوع المسجل لرسالته   يتعلق  بدور الزكاة ، وهو موضوع يرتبط عند البيروقراطية مباشرة بكلية الشريعة ، وكأن الزكاة  ليست أصلا من أصول الدين ، وهي الكلية التي تخرج منها القرضاوي .

 لكن البيروقراطية المصرية في ظل وجود علماء معنيين بالكراسي من حيث هي كراسي لا من حيث هي كراسي علم لم تكن لتفهم أن يسجل خريج الأصول في موضوع يظهر من اسمه أنه يخص قسم الفقه أو الشريعة ، بينما الأمر مختلف تمام الاختلاف ، حتى إنني أزعم ، وقد مارست الرأي والقرار في مثل هذه الموضوعات أنني على النقيض تماماً من هذه البيروقراطية  قصيرة النظر محدودة  الذكاء ، لو جاءني وأنا رئيس للجامعة أو عضو في مجلسها  في يوم واحد مشروعا أو بروتوكولا  رسالتين  بالعنوان الذي كانت تحمله رسالة القرضاوي ، و كان أحد البروتوكولين  من خريج للأصول والثاني من خريج لكية الشريعة لقلت إن الأولى بالموضوع هو  خريج  الأصول كي ينظر إلى موضوعه بصورة اوفي واشمل  من خارجه لا من داخله .

 لكن مفهوماً مثل مفهومي هذا يجد دوما الرد عليه باحترام بيروقراطي ذكي وخبيث بأن هذا هو منطق العباقرة لا منطق الملتزمين .

 و من حسن الحظ أن منطق العباقرة في حالة القرضاوي انتصر دون أن يدري هو نفسه أن هذا الانتصار كان أول  نجاح بازغ في انطلاقاته .

وهكذا وجد القرضاوي نفسه ينهي الاختيار الثاني في حياته ما بين التوسع والموسوعية من ناحية و التعمق التخصص الدقيق  والنظرة الانبوبية من الناحية الاخرى وقد نصرته الموسوعية التي آثرها هو بالاختيار منذ واجه الاختبار المبكر .

 (11)

أكاد استشف ان الشيخ القرضاوي استحضر قصة تفضيلات الامام الاعظم ابي حنيفة النعمان لمستقبله حين اختار ان يسلك سبيل الفقه لا النحو ولا الادب ولا السير ، وانه لم يكن كما  كان الامام مولعا  بالقضاء وانما بالفقه .

 ويبدو لي ان هذا هو ما دفعه الي ان يختار ان يتم دراسته العالية في كلية الاصول لا كلية الشريعة .

 ويبدو لي ايضا ان هذا هو ما دفعه في مرحلة لاحقة الي ان يسجل للعالمية في كلية الاستاذية  ومهاراتها والجدل العلمي والتربوي وعلم النفس  التي هي كلية اللغة العربية لا في كليته التي كلية الدعوة والوعظ والارشاد .  

ولا اظن القرضاوي رغم هوايته للشعر والادب ومحصوله المختزن والمكتنز منهما فكر ابدا في ان يتم دراسته العالية في اللغة العربية او دار العلوم . 

(12)

 

كان القرضاوي واعيا كل الوعي لما ينتظر منه في جيله من ضبط لأصول علوم مجتمعه العلمي الازهري  لتقود مجتمعه المدني العام ، وقد ادرك منذ ممارسته المبكرة للخطابة والدعوة والوعظ والتدريس ان التفوق في هذا الدرب يقتضي منه ان يحيط بالفلسفة حتي من قبل ان يتعمق الفقه وهكذا صنعت الهداية من القرضاوي ابرز نموذج في المجتمع الشرقي للنموذج الفذ الذي مثله جان كالفن رائد الكالفينية التي هي  الآن  المذهب الاول بين البروتستانت في فرنسا وسويسرا .

 كالفن الذي وصفه اهل العلم بالفلسفة وتاريخ الاديان بانه من النوادر  من الفلاسفة الذين استطاعوا أن يطبقوا ما انتجوه من الفلسفة.

 وأزعم أن دراسة القرضاوي في كلية الأصول للشهادة العالمية ثم في كلية اللغة العربية للشهادة العالمية  ثم لمقررات التربية العالية وعلم النفيس في اثاء دراسته لتخصص التدريس المقترن بالعالمية ثم دراسته للبحث واصوله في معهد الدراسات العربية الذي كان يتفوق في سعة افق اساتذته علي الجامعة المصرية التقليدية كانت  صمامات متوالية  للنجاح لدراسته لعلوم الشريعة ، وقد نظر إليها من محيطها كما ألمحنا من قبل بدلاً من أن ينظر إليها في قلبها ، وقد اضطرب فلبه بحبها عن عقل ومعرفة  ولهذا أضطرب قلبها هي الأخرى بحبه .

(13)

 رزق القرضاوي بالإضافة الي  هذا لذة معاناة من نوع آخر يتأذى بها طلاب البحث العلمي حين يتركهم أساتذتهم بالوفاة أو السفر وهم في منتصف الطريق ‘ وينتقلون برسائلهم إلى مشرف آخر فيبدأون الطريق من الخطو الأول مرة أخرى ، واقول من الخطو وليس  من الخطوة عن قصد ، والفارق كبير  ومفهوم ، وكان بالطبع بمثابة عبء علي القرضاوي.

وقد جرت العادة على أن  يتشاءم طلاب العلم من مثل هذا الذي يحدث لهم ويعتبرونه من ظلم القدر لهم بينما اراه أنا من حسن حظهم ومن توفيق الله كي يعرفوا منذ مرحلة مبكرة معنى المدارس و التعدد والاختلاف  والمذهب والتسامح  ويتخلصوا من تفضيل التعصب  وايثاره لو أنهم رزقوا خلية واحدة  مؤثرة من خلايا العاطفة .

  وقد مرّ القرضاوي بهذا كله فصقلته التجربة صقلاً ، وأسسته تأسيساً لم يكن من السهل عليه أن يحصل عليه بسهولة  لو انه مضي في طريق ممهد .

( 14)

 مضى القرضاوي في إعداد رسالته فواجه العلم وحده دون عون من مشرف أو “سمنار بحث” ولقي من صنوف المعاناة كل ما يلاقيه و ما يواجهه الباحث الصادق في توجهه العلمي من بحث عن الحقيقة وسط ما يظهر له من قوة وسطوة وجاذبية أهرام السابقين التي تعتمد في استنتاجاتها ومعطياتها (على حد سواء ) علي ما هو متاح في الخريطة المعرفية السابقة وهي خريطة تراكمية ، كأنها طبقات الأرض الجيولوجية لا تخلو طبقة فيها من تشابه مع الطبقة الأخرى ، وإن كانت بالطبع تحتفظ لنفسها بطوابع مميزة عن الطبقات الأخرى .

 ولم يكن متاحاً  للقرضاوي أن يجد على نحو جاهز ما يوجز له تاريخ العلم في هذه الجزئية وإنما كان  يجد الآراء وقد جردت نفسها من عصر الزمان الذي قيلت فيه ، وانحازت فحسب  في نسبتها وتسميتها إلى المذاهب الكبري او الصغرى  .

وعلى سبيل المثال فإنه كان يرى مثلا قولهم ورأى بعض المالكية دون أن يعرف إن كان هذا البعض متقدماً أو متأخراً ، فإذا تعمق البحث وجده من السابقين في الزمن على من يرون رأياً أكثر منه تحفظاً أو أكثر منه اتصالا بالماضي ، ومع هذا فإنه يراه وقد تموضع بجهد السابقين  وأخذ مكانه  في سياق الصياغة المذهبية ، وربما  ورد في نهاية النص بعد أن أورد المؤلف  أو الشارح ( الأول أو الثاني ….. الخ ) أو المحشي  أو المقرر أو المعلق … الخ .

(15)

هكذا تأكد القرضاوي بحواسه مما كان يعرفه من قبل بعقله من  أن الفقه  وهو ذلك العلم المكتمل ( في مراجعه وطبقاته ) لا يزال بحاجة إلى دراسة  تطوره مع الزمن ، حتى لو أن  الزمن نفسه لم  يؤثر أبدا في بعض الفقهاء واصحاب المؤلفات الفقهية .

 وأصبح على القرضاوي بلغة العلم أن يدرس مسارات الفقه متعددة التوجه لا تاريخ الفقه  العام فحسب ,  كما أصبح عليه أن يبحث في ميادين  التسويغ والإجازة  و التجويز والسماح والاستثناء والإلحاق والتبرير والتشبيه والقياس والاستصحاب والاستفتاء  والاستنباط والاستقصاء والاستقراء والاستنتاج مع أن لبعض هذه الكلمات معاني أوسع مما استقر عليه الفقهاء و الاصوليون ومع ان لبعضها الآخر معاني أدق .

 وكان علي القرضاوي  مع هذا أن ينتبه حين يشتق مصطلحا او يصف ظاهرة الى الحرص الواجب على احترام مبدأ “السبق إلى  الاصطلاح ” ، وهو الذي لخصه الأصوليون والعلماء في قولهم : ” لا مشاحة في الاصطلاح ” .

  وهكذا كان على القرضاوي يوماً بعد يوم أن يتفوق في سلم العلم بأن يصل إلى الكلمة الدقيقة التي تهيء لنفسها مكاناً في الاصطلاح وإلى توصيف المصطلح من بعد وصفه ،  وإلى التفريق بين المصطلحات المستقرة وشرح مغازيها  ومدلولاتها ، والي الافادة من هذا كله في المسارات الفقهية وتوظيفها (بالموازاة لهذا كله)  في الخطو الحثيث إلى طريق جديد في الكتابة الفقهية على نحو يستلهم الواقع المعاش وينتصر له على النسق المتاح في كتب الفقه ومراجعه .

( 16)

كان القرضاوي قد تأهل  لكتاباته التجديدية والتأصيلية بما كان درسه وهضمه و  تمثله في شبابه من علوم الازهر الفكرية الاصيلة التي لابد منها لكل رائد مجدد ، وهو في هذا يذكرنا تماما بمارتن لوثر الذي تلقي تكوينه العلمي في ثلاثة مدارس متتالية كان القاسم المشترك بينها عنايتها بالفنون الثلاثة التي هي النحو والبلاغة والمنطق ( هي نفسها العلوم التي كانت تعني بها معاهد الازهر في فترة دراسة القرضاوي فيها )

وقد تنقل مارتن لوثر ما بين هذه المدارس الثلاث في السنوات الاخيرة من القرن الخامس عشر  .

و كان لدراسة كل من الرجلين القرضاوي ومارتن لوثر لهذه الفنون أكبر الأثر في نجاح عرضهما لفلسفتهما ،  وفي نجاحهما في الابهار بها ، حتى إنه يستحيل على أي مؤرخ أو محلل أن يقفر على دراسة  القرضاوي أو مارتن لوثر لهذه العلوم أو الفنون الثلاثة .

وبدأ القرضاوي كتاباته الجديدة التي عبرت بأصالتها عن تيار جديد  قوي من الوعي الفقهي والوعي المجتمعي متآزرين ، حتي لو لم يكن القرضاوي نفسه في بداياته يتصور مدي قوة هذا التيار  وجاذبيته ، لكن الله سبحانه وتعالي هداه  حين بدأ لأن يحفر مسارا  متميزا لإنجازه الفقهي فيما تناوله من قضايا العصر بأسلوب جديد في  الترتيب والعرض ،  وهو اسلوب شائق لا تتوقف أدبياته عند الألفاظ والفقرات وإنما تبدأ وهذا هو الانجاز الأعظم بالمشكلة لا بالمعرفة .

( 17)

 كأن القرضاوي،  والقرضاوي وحده ، وأقولها بفخر ، قد اكتشف ما اكتشفه اليابانيون المنفتحون على الفكر العالمي وتجلياته من مذهب تربوي جديد ومتمايز حققت اليابان فيه تقدمها الساحق حين ربطت التعليم بالتوجه نحو حل المشكلات  لا بتكرار او تقطير  المعرفة المتاحة من قبل .

وهكذا انطلق القرضاوي ليكتب عن المشكلات التي تواجه مجتمعه الحضاري وغير الحضاري من منطلق معرفة عميقة وكثيفة بالتراث الفقهي والأصولي ، وبما انضم لهذا التراث  وانضوى تحت جناحه من تجلياته الفقه في مدارسه المختلفة وفي مواطنة المتعددة .

 وهكذا قاد العلم القديم  عالم العصر إلى علم جديد .

وهذا في رأي مؤرخ العلم هو أسمى الدرجات التي يتجلى فيها انصهار الاصولية في الاصالة ، وذوبان العلم في الفقه .

(18)

 هذا إذن هو ما أنجزه إخلاص القرضاوي للعلم الذي واصل تعلمه وهو يواصل تعليمه ، فإذا به ينطلق مع توليه مسئولياته الجامعية مسئولية بعد أخرى إلى إدراك الحقيقة الأبستمولوجية التي ألقت عليه واجباً مختلفاً في إعادة صياغة  المقررات لأن الزمن الهادر يطلب منه أن يعمل في طريق جديد يعلي من قيمة الحياة ، وواجب الاسلام أن يقودها لا أن يتجنبها او يتركها تبتعد عنه ، وقد تواكب هذا على سبيل المثال مع إلحاح القرضاوي نفسه بحكم اتصاله بالمجتمع العلمي والمجتمع المدني على حد سواء  على فكرة فقه الأولويات .

 وهكذا وجد القرضاوي نفسه ، ولي أن أفخر له بهذا ، يصل إلى  أرقي ما وصلت إليه فلسفة التعليم الطبي في المدرسة الغربية من ضرورة  الفصل بين التعليم الطبي العام في مجال الحوادث والكوارث والاضطرابات  ، وبين التعليم الطبي  العالي  للموضوعات الباردة على حد تعبير الأطباء  الصريح  في وصف الحالات التقليدية التي لا تتطلب الا التعامل  الكلاسيكي أو الروتيني .

 وهكذا فتح القرضاوي الباب واسعاً أمام النظر الجاد بروح النقد والمراجعة  في إعادة تقييم و تصميم مناهج الدراسات الإسلامية (لا الفقهية فحسب ) في مؤسسات التعليم الديني التقليدية وغير التقليدية  .

(19)

على أن القرضاوي في عمله الاكاديمي ،  منذ توج عميدا لكلية الشريعة ، سرعان ما أضاف مجداً جديداً لم يحزه  المناظرون  له في مؤسسته الأم وهي الأزهر الشريف ، وهو أنه على النقيض منهم اشتبك مع قضايا العصر اشتباكا صريحا مباشرا ووظف اتصاله بالإعلام المرئي في هذا الاشتباك الايجابي بينما استأثر التحفظ بأداء زملائه الآخرين الذين كانوا قد شغلوا إلى أقصى حد  بتنمية  مهاراتهم الاكاديمية القادرة على تجنب بطش السلطة ولغط المجتمع و نقد الأقران  .

 لكن عصراً جديداً من الاتصال المجتمعي المتشعب كان قد أدرك المجتمع البشري فأفسح للقرضاوي مكانة لم يفسحها للآخرين الذي قنعوا  واقتنعوا واكتفوا بتطوير وتأطير مكانة الأسلاف فحسب .

فرض هذا التطور المنهجي  نفسه في الوقت الذي كان القرضاوي يواجه فيه محاذير أكثر بكثير من المحاذير التي يواجهها نظراؤه أو من يفترض أن يكونوا نظراء له في مؤسسة الأزهر ، وعلى سبيل المثال كان القرضاوي يغض الطرف عن أن يرنو جهة اليمين أو اليسار ، مفضلا ان يواجه مجتمعه باستبطان معرفته السابقة التي كانت من حسن حظه معرفة مكتملة البنيان منضبطة الاطار .

 وللقرضاوي أن يفخر بأنه استكنه القضايا قبل أن يستكنه الفتوى ،  وكأنه الشاعر الفحل الذي لم يشغله عروض الشعر ولا عاموده عن روح الشعر ولا عن مجازه ، ولهذا فإنك تشهد في كل ما كتبه القرضاوي فقها كتب بفقه ، على حين تجد فيمن حاولوا أن يقلدوه ‘ولو بالباطل ، نصوصا من نصوص الآحاد كتبت بمصطلحات فقهية .

(20)

عني القرضاوي بالتربية بمعناها الواسع عناية تكاد تقترب من عنايته بالفقه ، وكان هذا امرا متوقعا بحكم ماضيه في دعوة الاخوان وفي ممارسة السياسة ، وتجلت في حياته الفكرية المرتبطة بالتعليم صورة باهرة للحرص علي الدين في التعليم ، وللدفاع عن التدين كنشاط انساني وعلمي ، واذا كان للسربون ان تفخر بتوما الاكويني وتخرجه فيها فان مكانة القرضاوي من الازهر هي نفسها  مكانة توما الاكويني من السوربون تماما بتمام .

ومن الطريف أن كلا الرجلين عاني السجن الظالم في بداياته لعله يترك ما اقتنع به ، لكن السجن زاد كلا منهما تأملا واقتناعا و اعتقادا ، وقد عرف عن توما اثناء استاذيته للاهوت في السوربون   تصديه لمن كانوا يهاجمون العبادة والدين، ودفاعه عن حقوق الرهبان في تدريس اللاهوت ضد  من نجحوا في تغييب فرصة  الرهبان في تولي الوظائف التعليمية و حاربوا فرصة الجماعات الدينية والطوائف الرهبانية  في ادارة  مؤسساتٍ تعليمية  على نحو شبيه بما اصاب الاسلام على يد اتاتورك وعبد الناصر ومن اقتدوا بهما.

(21)

و للقرضاوي أن يفخر بأن طول معاشرته لنصوص أسلافه هيأت  له القامة التي استطالت لا بوقوفها على تراث الآخرين ، وإنما القامة التي استطالت لأنها مزجت نموها في مراحله الجنينية والحياتية بالاستصفاء الذكي  والتقطير الواعي لتراث الآخرين .

 وإذا كان العلم قد علمنا ان الانسان منا حسب علوم الوراثة لا يستطيع أن يغير كثيراً من طوله الذي يتحدد مبكراً جداً حت من قبل أن تكتمل رضاعته ، فإن في وسع كل انسان أن يجتهد  مدعوماً بفطرة نقية وتربة سوية  على أن تكون قامته العلمية سامقة ، فيجتهد منذ مراحل تكوينه الأولى في أن يكمل النقص المعرفي أو المنهجي ، وأن يستكمل مقومات العلم الحقيقية فى ثلاثة ميادين : العلم الشارع ،والعالم الشارح ، والعلم الزراع ، وقد نجح القرضاوي وله أن يفخر في هذه الميادين الثلاثة من التشريع والتبين والتربية نجاحاً قلما تحقق لعالم في مثل ظروفه .

(22)

 لا يدري القرضاوي (ومن حسن حظ العالم من طبقته ان يغفل عن بعض الامور في مجده  ) أن عشرين عاماً من حياته قد ضيعت عمدا وعنوة بفضل البروتوكولات التي طبقتها الناصرية في عداء الاسلام والأزهر والعلم الديني والحركات الاسلامية .

 وبتوفيق الله يعرض يوسف عن هذا كله لأنه لم يشغل نفسه به ، ولم يكن في أفذاذ جيله من يفكر بمثل هذا التفكير القاصر ولا الضيق ولا المحدود ، لكن القرضاوي يدري بكل تأكيد أن هذه الأعوام العشرين التي خصمت من مجده الوظيفي ( 1953-1973) ما بين الأضابير الظالمة والنوايا المبيتة  قد عوضته عن هذه الأمجاد الوظيفية و عن الألقاب الاكاديمية تعويضاً فريداً تمثل فيما أضيف إلى تكوينه العلمي والإسلامي من بناء راسخ على مهل واتقان .

 وحتى أقرب الصورة للقرضاوي نفسه ولتلاميذ القرضاوي ومحبي القرضاوي فإنني أصور وجود قرين للقرضاوي ولد في العام نفسه (1926)  ولحق معه ب التعليم الأولي و الكتاب ثم مضي في مسار التعليم المدني بدلاً من أن يتشرف بالأزهر ، ومضى في سلم التعليم المدني حتى أتم كلية الحقوق على سبيل المثال فتخرج في عام 1947 أو 1948 على أقصى تقدير ، وأتيح له العمل بالنيابة والقضاء حتى أصبح مستشاراً بالقضاء قبل أن ينال القرضاوي نفسه الدكتوراه ،  ثم اصبح مستشارا بالنقض ، ونائباً لرئيس النقض حتى خرج للتقاعد في 1986 بعدما ترافع من منصة الاتهام ، وبعدما حكم من منصة العدالة ، و بعدما أفتى من خلال لجان التشريع  ، و بعدما أشار من خلال مناصب الاستشارة  .

وللقارئ ان يقارن بين إنجاز هذا النموذج وذاك  في الحياة والعلم ولتاريخ على وجه العموم .

(23)

 كان النظام الناصري عن عمد ( ربما لا يعرف عبد الناصر نفسه ابعاده) يظلم خريجي الأزهر بتأخيرهم عن أقرانهم من خريجي الحقوق عشرين عاماً كاملة إذا مضوا في سلك القضاء بعد ان فرض عليهم القرار الجائر بتوحيد القضاء الشرعي مع القضاء المدني مع تأخير رجال القضاء الشرعي عمليا بهذا المبرر الظالم عشرين عاما  .

 هنا تتجلى عظمة العلم في ذاته وفي لذاته التي لا يعرفها من لم يذقها ، فان كل هذا الظلم  على مدى سنوات التكوين لم يحطم القرضاوي ولم يثبطه ولم يحبطه بل ربما تجاوز القرضاوي عنه إلى حد أنه لا يعلم حجمه إلا الآن إذا قدر له أن يقرأ هذه السطور .

 وكأنما تجلت في سيرة حياة القرضاوي التعويضات الربانية التي كشف الله لي أن أراها مشرقة زاهرة امام عيني الفاحصتين ومن امثلتها  أن الذين يحبسون او يسجنون ظلماً في قضايا الرأي يعوضهم الله عن سنوات حبسهم سنوات أخرى ينسيء لهم بها في أعمارهم ويعطيهم اياها صحة بلا مرض ، وعافية بلا شكوى ، وقد شهدت هذا مراراً وتكراراً،  واشهد به و أنا طبيب القلب الاثير عند هذه الطبقة من رجال الرأي على اختلاف مشاربهم .

 (24)

و ظني أن الله سبحانه وتعالى منّ على القرضاوي بما لاعين رأت ولا اذن سمعت لأنه خاض ما لم يخضه غيره من نظرائه في الجيل السابق عليه ولا الجيل اللاحق به ،

فإذا تصورنا من سبقوا القرضاوي بعشر سنوات في تخرجهم من كليته لوجدناهم قد استقامت لهم الوظيفة وسهلت عليهم العالمية الكبرى فعاشوا حياة أيسر بكثير من حياة القرضاوي ، وإذا نظرنا إلى اللاحقين به بعد عشر سنوات من تخرجه وجدناهم بدأوا مسيرتهم العلمية وقد تهيأت لهم ارض الدراسات العليا الميسرة على النحو الذي كان للقرضاوي فضل فيه في تعبيد الطريق .وقد ادي هذا الفضل بعلمه قبل عمله وبالقدوة قبل المكانة .

 مهد القرضاوي الصحراء واسس جيدا لبناء الطريق الراسخ فيها ثم تحمل الشمس المحرقة وهو يصب المواد الممهدة و الراصفة بكل ما يكتنفها من قسوة الرائحة وقسوة الحرارة وثقل المادة ، لكنه في نهاية الأمر عبدّ طريقاً تعبدت من حوله وتفرعت منه  طرق كثيرة . ثم شُقت بموازاته طرق اخرى اكثر

وهكذا اكتملت للقرضاوي نجاحاته في صراعات الاغتراب للحرية ، و العلم للفقه ، والموسوعية للتخصص ، والمذهبية للتكوين  ، والاجتهاد للتيسير

(25)

 لا شك في أن القرضاوي صادف حظا فريداً  و موفقا او مواتيا في غربته في قطر التي طبقت سنة النبي صلى الله عليه وسلم في بناء جامعتها على نحو ما رأت النبي يفعل في بناء مدينته ، وإذا بقطر حريصة على أن تكون كلية الشريعة في قلب جامعة قطر كما كان مسجد النبي صلى الله عليه وسلم في قلب مدينته ، وإذا بقطر تحرص على يكون اسمها الشريعة فحسب بلا إضافة للقانون أو الدعوة أو غير ذلك مما يستحب أو مما لا يستحب ومما يجذب أو لا يجذب .

 ولا تقتصر قطر ومعها القرضاوي على ذلك من امتنان بكلمة الشريعة وإنما هي تجعل كلية الشريعة وعاء لكل العلوم الاسلامية .

(26)

انتفل الآن الي التأمل في الانتاج الفكري للعلامة القرضاوي عبر تقسيمة آفاقية من واقع  رؤيتنا لتاريخه العلمي وتأثيره في تاريخ العلم  ،  وهي تقسيمة  لات خضع لمنطق  زمني ولا مكاني ، رأسي ولا أفقي كما انها لا تخضع للتقسيم العشري ولا للتقسيم الكونجرسي ، ولا لتقسيم الببليوجرافيين  ولا الأزهريين ،  لكنها تجمع هذه التقسيمات  جميعا من منظور فوقي يليق بنتاج فكري ذي طابع خاص .

   وان كانت بالطبع  لا تلزم هذا  النتاج الفكري  بشيء  لكنها تقدمه من خلال الزوايا التي نعتقد انها حكمت تناول القرضاوي للواقع الفقهي والتراث الفقهي على حد سواء

و نبدأ بما قدمه استاذنا فيما يمكن ان نطلق عليه   فقه الافتاء و الفتوى  وهو العلم الذي مهد آفاقه لا للجيل الحاضر وحده وانما لأجيال قادمة :

  • الحلال والحرام في الإسلام.
  • أصول الإسلام حول الحلال والحرام..( محاضرة)
  • موجبات تغير الفتوى في عصرنا.
  • الفتوى بين الانضباط والتسيب.
  • الاجتهاد في الشريعة الإسلامية.
  • الاجتهاد المعاصر بين الانضباط والانفراط.
  • عوامل السعة والمرونة في الشريعة الإسلامية.
  • مدخل لدراسة الشريعة الإسلامية.
  • الفقه الإسلامي بين الأصالة والتجديد.
  • فقه الواسطية والتجديد.
  • مزالق المتصدين للفتوى في عصرنا الحاضر. .( محاضرة)
  • الفتاوى الشاذة : معاييرها وتطبيقاتها وأسبابها وكيف نعالجها ونتوقاها
  • دراسة في فقه مقاصد الشريعة.
  • في فقه الأولويات : دراسة جديدة في ضوء القرآن والسنة
  • المرجعية العليا في الإسلام للقرآن والسنة. ضوابط ومحاذير في الفهم والتفسير.
  • كيف نتعامل مع القرآن العظيم.
  • كيف نتعامل مع السنة النبوية.
  • تجديد الدين الذي ننشده. .( محاضرة)
  • في الفقه والفتوى والإجتهاد. .( محاضرة)
  •  

 

  (27)

ونثني بدراساته واطروحاته في فقه القضايا الجديدة أو المجددة

  • فقه الجهاد دراسة مقارنة لأحكامه وفلسفته
  • في فقه الأقليات المسلمة
  • زراعة الأعضاء في ضوء الشريعة الإسلامية.
  • جريمة الردة وعقوبة المرتد في ضوء القرآن والسنة (رسالة)
  • دية المرأة في الشريعة الإسلامية نظرات في ضوء النصوص والمقاصد.
  • النقاب للمرأة بين القول ببدعته والقول بوجوبه. (رسالة )
  • الحكم الشرعي في ختان الإناث. .( محاضرة)
  • زواج المسيار : حقيقته وحكمه. .( محاضرة)
  • الاستلحاق والتبني .. في الشريعة الإسلامية ( محاضرة)
  • حقوق الشيوخ والمسنين في ضوء الشريعة الإسلامية. .( محاضرة)
  • الضوابط الشرعية لبناء المسجد. .( محاضرة)
  • رعاية البيئة في شريعة الإسلام.
  • فقه الغناء والموسيقي في ضوء القرآن والسنة.
  • فقه اللهو والترويح.
  • الإسلام والفن (رسالة )
  • الدين في عصر العلم (رسالة )
  • ظاهرة الغلو في التفكير (رسالة )

 

(23)

 

 وننتقل الي ميدان فقهي متخصص آثره القرضاوي بدرسه المتكرر وهو ما يمكن لنا ان نسميه  الفقه المالي والاقتصادي

  • فقه الزكاة دراسة مقارنة لأحكامها وفلسفتها في ضوء القرآن والسنة
  • لكي تنجح مؤسسة الزكاة في التطبيق المعاصر. .( محاضرة)
  • فقه المعاملات المالية
  • مقاصد الشريعة المتعلقة بالمال.
  • مشكلة الفقر وكيف عالجها الإسلام.
  • التكافل الاجتماعي في ضوء الشريعة الإسلامية. .( محاضرة)
  • بيع المرابحة للآمر بالشراء كما تجريه المصارف الإسلامية.
  • فوائد البنوك هي الربا الحرام.
  • دور القيم والأخلاق في الاقتصاد الإسلامي.
  • أصول العمل الخيري في الإسلام في ضوء النصوص والمقاصد الشرعية.
  • الوقف
  • مفهوم الأمن في الإسلام ( محاضرة)

 

 

(28)

 

وقبل ان نترك ميدان الفقه الواسع  نثبت لعالمنا مؤلفاته  في الفقه التقليدي أو الكلاسيكي :

  • من فقه الدولة في الإسلام.
  • السياسة الشرعية في ضوء نصوص الشريعة ومقاصدها.
  • تيسير الفقه للمسلم المعاصر
  • نحو فقه ميسر معاصر
  • فقه الطهارة.
  • فقه الصيام.
  • مئة سؤال عن الحج والعمرة والأضحية والعيدين.
  • موقف الإسلام من الإلهام والكشف والرؤى ومن التمائم والكهانة والرقى .
  • فقه الأسرة في الإسلام
  • فتاوى للمرأة المسلمة (رسالة )
  • فتاوى معاصرة (4 أجزاء).

 

  (29)

وننتقل الي اسهاماته في المحيط الاوسع لنشاطه العام  وهو اسهامه في القضايا والمفاهيم التربوية 

  • الصبر في القرآن.
  • العقل والعلم في القرآن الكريم.
  • الحياة الربانية والعلم.
  • النية والإخلاص.
  • التوكل.
  • التوبة إلى الله.
  • الورع والزهد
  • ثقافة الداعية.
  • الرسول والعلم.
  • الوقت في حياة المسلم.
  • نحو وحدة فكرية للعاملين للإسلام .
  • ثقافتنا بين الانفتاح والانغلاق.
  • التحذير من العرف الخاطئ والخداع اللفظي والتركيز على العقيدة.
  • العبادة في الإسلام.
  • الخصائص العامة للإسلام.
  • مدخل لمعرفة الإسلام (مقوماته ، خصائصه، أهدافه ، مصادره).
  • الإسلام حضارة الغد.
  • الإسلام بين شبهات الضالين وأكاذيب المفترين.
  • الناس والحق.
  • الربانية أبرز خصائص التربية الإسلامية. .( محاضرة)
  • الحياة الروحية في الإسلام. .( محاضرة)
  • التعليم وأخلاقيات مهنة التعليم. .( محاضرة)
  • فلسفة الأخلاق في الإسلام
  • الآداب في الإسلام
  • في الدعوة إلى الله. .( محاضرة)
  • مكانة المعلم في الإسلام. .( محاضرة)
  • حول ركن الإخلاص. (رسالة )
  • ملامح المجتمع المسلم الذي ننشده.
  • المجتمع الإسلامي التحديات وإمكانات النهوض. .( محاضرة)
  • مركز المرأة في الحياة الإسلامية (رسالة(
  • الأسرة كما يريدها الإسلام. (رسالة )
  • حياة المرأة المسلمة في إطار الحدود الشرعية. .( محاضرة)
  • التربية عند الإمام الشاطبي. .( محاضرة)
  • رسالة الأزهر بين الأمس واليوم والغد.
  • ندوة العلماء بالهند ودورها المعاصر. .( محاضرة)
  • الإخوان المسلمون 70 عاما في الدعوة والتربية والجهاد
  • التربية الإسلامية ومدرسة حسن البنا.
  • التربية السياسية عند الإمام حسن البنا. (رسالة )

 

  (30)

ثم الي اسهاماته في المحيط الالمع   لنشاطه  وهو اسهامه  في سياسات الحركة الإسلامية :

  • الصحوة الإسلامية وهموم الوطن العربي والإسلامي.
  • الصحوة الإسلامية بين الجحود والتطرف.
  • الصحوة الإسلامية بين الاختلاف المشروع والتفرق المذموم.
  • الصحوة الإسلامية من المراهقة إلى الرشد.
  • من أجل صحوة راشدة تجدد الدين وتنهض بالدنيا.
  • أين الخلل.
  • أولويات الحركة الإسلامية في المرحلة القادمة.
  • الأمة الإسلامية حقيقة لا وهم.
  • الصحوة الإسلامية بين الآمال والمحاذير. .( محاضرة)
  • المحنة في واقع الحركة الإسلامية المعاصرة. .( محاضرة)
  • أولويات العمل الإسلامي في ظل المتغيرات الدولية الراهنة.( محاضرة).

(31)

ثم نأتي الي  مقارباته في المحيط الاكثر حرجا وجهدا  لنشاطه وهو  قضايا الاسلام والآخر

  • الحرية الدينية والتعددية في نظر الإسلام.
  • غير المسلمين في المجتمع الإسلامي.
  • الانفتاح على الغرب مقتضيات وشروط. .( محاضرة)
  • حاجة البشرية إلى الرسالة الحضارية لأمتنا. (رسالة )
  • نحن والغرب: أسئلة شائكة وأجوبة حاسمة.
  • بينات الحل الإسلامي وشبهات العلمانيين والمتغربين.
  • الإسلام والعلمانية وجها لوجه.
  • التطرف العلماني في مواجهة الإسلام.
  • أعداء الحل الإسلامي.
  • المسلمون والعولمة.
  • خطابنا الإسلامي في عصر العولمة.
  • الحل الإسلامي فريضة وضرورة
  • موقف الإسلام العقدي من كفر اليهود والنصارى . .( محاضرة)
  • شريعة الإسلام صالحة للتطبيق في كل زمان ومكان.
  • الأقليات الدينية والحل الإسلامي. (رسالة )
  • الإسلام والحضارة الغربية ( محاضرة)
  • تاريخنا المفترى عليه.
  • البابا والإسلام : رد علمي على البابا بندكت 16(رسالة )

 

  (32)

ويرتبط يهذا اسهام القرضاوي الحيوي والمتجدد في القضايا السياسية المعاصرة :

  • أمتنا بين قرنين.
  • شمول الإسلام.
  • لقاءات ومحاورات حول قضايا الإسلام والعصر (جزءان).
  • قضايا معاصرة على بساط البحث.
  • الدين والسياسة.
  • الإسلام والعنف : نظرات تأصيلية.
  • جيل النصر المنشود.
  • درس النكبة الثانية.
  • يناير سنة 2011 م ثورة شعب
  • المبشرات بانتصار الإسلام. (رسالة )
  • مستقبل الأصولية الإسلامية. (رسالة )
  • القدس قضية كل مسلم. (رسالة )
  • فتاوى من أجل فلسطين. (رسالة )
  • قراءة في واقع الإمة في الفترة الأخيرة. .( محاضرة)
  • لماذا الإسلام؟.( محاضرة)
  • واجبنا نحو القرآن الكريم. .( محاضرة)
  • الإسلام الذي ندعو إليه. .( محاضرة)
  • واجب الشباب المسلم اليوم. .( محاضرة)
  • مسلمة الغد. .( محاضرة)
  • قيمة الإنسان وغاية وجوده في الإسلام. .( محاضرة)

 

(33)

وقد اقتضي هذا كله ان يحرر الشيخ آرائه  في بعض القضايا الكلامية والايدولوجية :

  • وجود الله.
  • حقيقة التوحيد.
  • الإيمان بالقدر.
  • فصول في العقيدة بين السلف والخلف (الصفات ، الأولياء ، القبور، التوسل).
  • البدعة في الدين حقيقتها وأسبابها وأقسامها وآثارها
  • الثقافة العربية الإسلامية بين الأصالة والمعاصرة.
  • الحلول المستوردة وكيف جنت
  • أسماء الله الحسنى
  • كلمات صريحة في التقريب بين المذاهب الإسلامية ( محاضرة)
  • كيف نتعامل مع التراث والتمذهب والاختلافات.
  • مبادئ في الحوار والتقريب بين المذاهب والفرق الإسلامية. (رسالة )
  • جناية الشيعة الاثني عشرية على الإسلام

 

(34)

كما استدعي هذا منه اسهاما موازيا في كتابة بعض التراجم المساندة لفكره   وتوجهاته :

  • الإمام الغزالي بين مادحيه وناقديه.
  • الشيخ الغزالي كما عرفته: رحلة نصف قرن.
  • الشيخ أبو الحسن الندوي كما عرفته.
  • الجويني إمام الحرمين .. بين المؤرخين .. الذهبي والسبكي.
  • في وداع الأعلام.
  • عمر بن عبد العزيز الراشد المجدد.
  • نساء مؤمنات.
  • مقومات الفكر الإصلاحي عند الإمام محمد البشير الإبراهيمي.
  • الدكتور محمد عمارة الحارس اليقظ على ثغور الإسلام
  • أبو الأعلى المودودي

 

  (35)

وبالطبع فقد كانت له أعماله الإبداعية التي نتحدث عنها في موضع آخر :

  • نفحات ولفحات – (ديوان شعر).
  • المسلمون قادمون – (ديوان شعر).
  • عالم وطاغية – (مسرحية تاريخية).
  • يوسف الصديق (مسرحية شعرية
  • ابن القرية والكتاب ملامح سيرة ومسيرة.

  (36)

وقبل كل شيء فان القرضاوي لم يتوان عن دور العالم المبرز في تقديم العلوم التقليدية فكتب في التفسير وعلوم القرآن

  • تفسير سورة الحجر.
  • تفسير سورة إبراهيم.
  • تفسير جزء عم.
  • تفسير جزء تبارك
  • في تفسير القرآن الكريم ( محاضرة)

 

  (37)

و كتب كذلك في  علوم السنة والحديث النبوي

  • نحو موسوعة للحديث الصحيح مشروع منهج مقترح.
  • في رحاب السنة شرح أحاديث نبوية.
  • المدخل لدارسة السنة النبوية.
  • المنتقى من الترغيب والترهيب
  • السنة والبدعة.( محاضرة)
  • في السنة النبوية وعلومها ( محاضرة)
  • السنة ومواجهة حملات التشكيك ( محاضرة)

 

وله ايضا :

  • خطب الشيخ القرضاوي.
  • ابتهالات ودعوات.
  • قطوف دانية من الكتاب والسنة.

 

 

 

شارك هذا المحتوى مع أصدقائك عبر :
x

‎قد يُعجبك أيضاً

أيمن نور للجزيرة مباشر: المؤرخ محمد الجوادي نموذج للمفكر المصري (فيديو)

نعى أيمن نور رئيس اتحاد القوى الوطنية المصرية، الطبيب والمؤرخ المصري محمد ...

WP Twitter Auto Publish Powered By : XYZScripts.com