الرئيسية / المكتبة الصحفية / #إسماعيل_مظهر الكاتب الموسوعي صاحب قاموس النهضة ومجلة العصور

#إسماعيل_مظهر الكاتب الموسوعي صاحب قاموس النهضة ومجلة العصور

الأستاذ إسماعيل مظهر (1891 ـ 1962) واحد من رواد الثقافة العلمية المجيدين اللذين لا يقل تأثيرهم عن الاكاديميين العظماء مشرفة وأحمد زكي والغمراوي والكرداني، وعن يعقوب صروف، كما أنه واحد من المعجميين الرواد الذين وضعوا معاجم اللغات الثنائية الحديثة التي تضمنت ما عربوه واشتقوه و وضعوه من المصطلحات، وهو أيضا من الصحفيين المؤسسين ذوي الرسالة، والمفكرين النهضويين ذوي الرؤية، والمجمعيين المحدثين الذين اعترف المجتمع الفكري بقدرهم، وهو الذي ترجم نظرية دارون ونشرها في كتاب، كما أنه من أوائل من فرقوا بين الشيوعية والاشتراكية ثم بين الاشتراكية وما يناظرها من فهم إسلامي. وهو رابع رئيس لمجلة المقتطف بعد يعقوب صروف، وابن أخيه فؤاد صروف [الذي كان إداريا فحسب]، والدكتور بشر فارس ١٩٠٧-١٩٦٣، وهو الذي تولى تقديم كتاب «هذي هي الأغلال» لعبد الله القصيمي (١٩٠٧-1996) في افتتاحية من افتتاحيات المجلة، مع ما كان يتوقعه من عواصف النقد.

 

نشأته وتكوينه

ولد الأستاذ إسماعيل مظهر بمدينة القاهرة في أسرة من الأسر الأرستقراطية، واسمه مركب من اسم جديه العظيمين، فإسماعيل مأخوذ من اسم جده لأبيه الذي هو المهندس إسماعيل باشا محمد رئيس مجلس شورى القوانين، ومظهر مأخوذ من اسم جده لأمه وهو محمد مظهر باشا الذي كان ناظرا للمعارف بمصر، والذي هو منشئ فنار الإسكندرية، وصاحب مشروع القناطر الخيرية، ولأسرته نسب بأسرة أستاذ الجيل أحمد لطفي السيد.

 

تلقي الأستاذ إسماعيل مظهر تعليما مدنيا متميزا، وأتقن اللغتين العربية والإنجليزية قراءة وكتابة وبحثا وتأليفا، وأظهر ميلاً مبكرًا للدراسة والبحث والكتابة والتعبير عن نفسه، كما أظهر القدرة علي فهم العلوم الحديثة، وبخاصة علوم الأحياء في ضوء ما حدث فيها من ثورة فلسفية وفكرية، وأخذ ورد بعد ظهور نظرية النشوء والارتقاء وتطور التفكير البيولوجي والمذاهب العلمية الحديثة، وكان بالإضافة إلي سعة أفقه في المحيط العلمي من أبرز المحيطين بالأدب الإنجليزي، ومن الذين أفادوا من تراث الإنجليز في ثقافتهم وتفكيرهم وأسلوبهم العربي، وقد كان مع هذا كله واسع الاطلاع علي التراث العربي. وفي سن السابعة عشرة (سنة 1908) سافر إلى إنجلترا، فدرس في جامعة لندن وجامعة أكسفورد، ثم عاد إلي وطنه سنة 1914 بعد أن نال شهادة دراسية في علوم الأحياء.

 

اشتراكه في تأسيس المجمع المصري للثقافة العلمية

كان الأستاذ إسماعيل مظهر من الرواد الأوائل والحقيقيين للثقافة العلمية قبل أن يشار إليها على هذا النحو المميز، وفي عام 1927 اشترك إسماعيل مظهر مع فؤاد صروف، ورضا مدور، وعلي مصطفى مشرفة، وأحمد زكي أبو شادي في تأسيس المجمع المصري للثقافة العلمية، وانتخب سكرتيرا دائما له.

 

عمله في مجمع اللغة العربية ثم عضويته فيه

وكان الأستاذ إسماعيل مظهر قد اختير ليكون من أبرز الفنيين المعاونين لمجمع اللغة العربية في أداء وظيفته، ثم اختير عضوا في العام الأخير من حياته، وقد ساهم، قبل اختياره لعضوية مجمع اللغة العربية، في خدمته حقبة طويلة، فكانت له مشاركة في كثير من لجانه، ومنها لجنة جمع الألفاظ من الحياة العامة التي كان مشرفًا عليها، وعمل مساعدًا للمرحوم الدكتور فيشر في معجمه اللغوي التاريخي بالمجمع أيضا، كما أسس مكتب التسجيل بالمجمع.

 

وفي سنة 1961 كان الأستاذ إسماعيل مظهر واحدا من العشرة الذين عينوا بمناسبة تعديل قانون المجمع، واختير عضوا بلجان الجغرافيا، والمعجم الكبير، وعلوم الأحياء والزراعة، وألفاظ الحضارة، وقد كان من أبرز المرشحين لعضوية المجمع في انتخابات سابقة، وقد دارت مناوشة حقيقية بينه وبين مجلس المجمع في إحدى مرات ترشيحه، أوردنا تفاصيلها في كتابنا ثلاثية التاريخ والأدب والسياسة، كما أشرنا إلى فصولها وتكرار ترشيحه لعضوية المجمع في كتابنا تاريخ مجمع الخالدين. كانت عضويته في مجمع اللغة العربية بمثابة تتويج لجهوده المعجمية والمجمعية والفكرية والتعريببة، لكنه توفي بعد اختياره بقليل فكان من أعضاء المجمع الذين لم يطل المقام بهم في العضوية مثل الدكتور احمد البطراوي والأساتذة على السباعي وإبراهيم البسيوني، وعلي السباعي، ومصطفى أمين، والدكتور محمد عبد الفتاح القصاص، والدكتور عبد اللطيف عبد الحليم. وقد ألقى الأستاذ محمد توفيق دياب كلمة المجمع في تأبين الأستاذ إسماعيل مظهر في 14 مارس 1962.

 

المعاجم والموسوعات التي شارك في إصدارها

لما كان الأستاذ إسماعيل مظهر يتمتع بقدرات لغوية عالية، وكان أحد أعلام المترجمين، فقد وجد في نفسه القدرة على أن يضع بمفرده قاموسا ذا شأن كبير هو قاموس النهضة، كما أنه وضع معاجم أخرى (للمسرح والتعبيرات الاصطلاحية) كانت فتحا في مجالها، كما أشرف مظهر على إخراج الموسوعة العربية الميسرة التي أصدرتها مؤسسة فرانكلين في القاهرة.

 

جهوده التأسيسية في الصحافة

كان الأستاذ إسماعيل مظهر من رواد الصحافة، وقد أجمع المؤرخون على ريادته للمقال العلمي والفلسفي وتميز بصماته في الصحافة الأدبية والاجتماعية، وقد مارس الصحافة في مراحل مختلفة من حياته، ويذكر له انه أسس جريدة الشعب الأسبوعية في وقت مبكر من عمره (1907 – 1909)، وكان لايزال طالبا، ثم المنبر. أما أبرز إسهاماته الصحفية فهي مجلة العصور التي ظلت تصدر من سنة 1927 إلى سنة 1931، وقد كرس مجلة العصور للدعوة للعلم، والتجديد في الأدب، والتحرر الفكري والديني، وكان شعارها حرر فكرك من كل التقاليد والأساطير الموروثة حتى لا تجد صعوبة ما في رفض رأي من الآراء أو مذهب من المذاهب اطمأنت إليه نفسك، وسكن إليه عقلك، إذا ما انكشف لك من الحقائق ما يناقضه”. وقد كتب الدكتور إمام عبد الفتاح تصديرا متميزا لمجلدات مجلة العصور عند إعادة إصدارها في الهيئة المصرية العامة للكتاب.

 

كتب إسماعيل مظهر في جريدتي الحزب الوطني اللواء، والأفكار، كما كتب في الرسالة والحديث والأخبار والمصري والأهرام، وفيما بعد ذلك فإنه كان المثقف الذي وقع عليه الاختيار كي يرأس تحرير مجلة المقتطف في المدة من سنة 1945 إلى سنة 1948، وقد تحدث الأستاذ أحمد عباس صالح في مذكراته عمر في العاصفة عن عمله في تلك الفترة مع الأستاذ إسماعيل مظهر: “وكان إسماعيل مظهر شيخا وسيما مرحا وعصريا إلي أقصي درجة وكان يعرف أنه يدربنا على أن ننفتح علي الحياة العصرية فيصحبنا إلي المحال ذات الطابع الأوروبي، كما يستقبل بناته الشابات حين يمررن عليه ويعرفنا بهن وكن علي جمال رائع وكياسة وقوة شخصية، وكانت تربيتهن أوروبية بشكل كامل”. وفي أخريات حياته كان يكتب يوميات جريدة الأخبار بصفة أسبوعية.

 

فهمه المتميز لفكرة النهضة

كان موقف إسماعيل مظهر من المذاهب الاقتصادية في غاية التقدمية والتعقل معا، فقد كان من الذين بشروا بالأفكار الاشتراكية والشيوعية مع التنبيه على اعتراضاته الجوهرية عليها، وتطور موقفه من الشيوعية والاشتراكية حتى أصبح في أخريات حياته أميل إلى إعمال التكافل الاجتماعي الذي صوره الإسلام. وعلى صعيد الإصلاح الاجتماعي اهتم إسماعيل مظهر بالفلاح، وكتب مذكرة لإنشاء حزب الفلاح استند فيها على ثلاثة مبادئ: التسوية بين الناس في فرص الحياة، وتحديد ملكية الأرض وزيادة نسب صغار الملاك، ومحاربة المبادئ البلشفية. وقد وصفه ابنه الأستاذ جلال مظهر في مقدمة كتابه رسالة الفكر الحر بأنه كان ناقدًا ومفكرًا ومصلحًا اجتماعيًا وأن أفكاره دارت حول معنيي الحرية الفردية والمثل الأعلى، وأنه كان مخلصًا دفع كل شيء ماله وأعصابه وجهوده، وأن أهم مواقفه دعوته عام 1929 إلى تكوين حزب اجتماعي سماه “حزب الفلاح” أو “حزب العمال والفلاحين”، لأن الريف عنده هو مصر ومصر هي الريف.

 

على أن التنوير الذي مارسه لم يقف عند هذه الحدود و إنما امتد للأدب بوضوح وصراحة وإن كان في هذا الامتداد تعبيرا عن رؤية متكاملة للحياة، ومن الثابت أنه كانت للأستاذ إسماعيل مظهر نظرية مكتملة لفكرة النهضة الأدبية، وهي نظرية لا تقل من حيث الأصالة ( في طرحها )عن نظرية المفكر الجزائري مالك بن نبي عن النهضة الحضارية بوجه عام مع اختلاف ما هو شائع عن نزعة الرجلين، ومن الطريف أن  الأستاذ إسماعيل مظهر لم يكن يقل عن مالك بن نبي في إيمانه بأهمية التراث، وقد اهتم الدكتور أحمد الهواري بنصوص  الأستاذ إسماعيل مظهر وجمعها ورتبها و ناقشها وهو الذي تولى كتابة مادة إسماعيل مظهر في قاموس الأدب العربي الحديث، وقد وصف الدكتور أحمد الهواري منهج إسماعيل مظهر الأدبي بأنه كان يؤمن بأن الاهتمام بالتعليم هو ركيزة النهضة، وأن اللغة العربية وآدابها أصل تقليدي، ينبغي أن يكون أساسا للأدب الحديث، وأن الأدب العربي الحديث ليس إلا لِقاحا يغذي ذلك الأصل، وأن محاولة المجددين اتخاذ أدب الغرب أساسا وجعل اللغة العربية أداة التعبير ليست إلا خطأ وجنوحا عن حقائق التطور الاجتماعي، ولهذا يبدو مظهر، في نظر المجددين، من أنصار المدرسة الكلاسيكية، وفي هذا يكمن سر احترامه لأدب مصطفى صادق الرافعي، علي الرغم من تباين مذهبهما في التفكير، ومفهومهما للأدب، كما يفسر هذا سر نفوره من أدب المجددين علي اختلاف نزعاتهم: جبران خليل جبران، وطه حسين، والعقاد.

 

ويري الدكتور الهواري أن خطاب النهضة عند إسماعيل مظهر يعتمد على ركيزة ثابتة في تاريخ الفكر والأدب، وهي ركيزة تعتمد على الاحتفال بالمصادر التي تلخص ما يسميه جدل الماضي والاحتفال بالمصادر التي تهيئ لجدل المستقبل، وأنه لا سبيل إلى تحقيق هذين المصدرين وتفعليهما إلا بالاهتمام بالترجمة والنقل عن اللغات والثقافات الأخرى، وهكذا عد إسماعيل مظهر مبكرا رمزا من رموز مدرسة التحرير الكامل الذي صنع جيلا من المثقفين العرب يؤمن بأهمية النزعة العلمية في فهم الواقع وتغييره. ويذهب الدكتور الهواري إلى أن إسماعيل مظهر قد أدرك مبكرا أن الإلمام الجيد بالثورة الفكرية والعلمية التي أحدثها ما ذهب إليه دارون (1809 ـ 1882) لا يتم إلا بقراءة نصوص النظرية نفسها، ولهذا فإنه نشر ترجمة الكتاب الرئيسي لدارون، وهو أصل الأنواع وتطورها بالانتخاب الطبيعي (1918)، ثم أصدر دراسة طويلة لكتاب دارون بعنوان ملتقي السبيل في مذهب النشوء والارتقاء وأثره في الانقلاب الفكري الحديث، رد فيها علي كل من المذهب المادي عند شبلي شميل (1850 ـ 1917)، و على ما تضمنته رسالة جمال الدين الأفغاني ١٨٣٩- ١٨٩٧ من افكار في هذا الموضوع. وعلى الصعيد الأدبي بمعناه الجديد (المحدود) كان إسماعيل مظهر من رواد القصة القصيرة، وله مجموعة قصصية رؤيا هناء.

 

مؤلفاته ومترجماته في اللغة والمعاجم:

ـ قاموس المسرح.

ـ قاموس النهضة، مجلدان (إنجليزي ـ عربي)، عام 1954

 معجم مظهر الانسيكلوبيدي. وقد طبع منه ثلاثة أجزاء

ـ قاموس الجمل والعبارات والاصطلاحية، مكتبة النهضة، 1949م.

ـ تجديد العربية: رأي جديد في القياس على الصيغ السماعية والنحت والتركيب المزجي والبناء بالزيادة في وضع المصطلحات.

 

في الثقافة العلمية:

ـ أصل الأنواع لداروين. ١٩١٨ وأعيد طبعه عام 1928

ـ ملقي السبيل، في مذهب النشوء والارتقاء.

ـ نشوء الكون

في الأدب المقارن وعلاقته بالتاريخ والدين:

ـ قصة الطوفان وتطورها في ثلاث مدنيات قديمة: الآشورية، والعبرانية، والمسيحية (1929).

ـ حياة الروح في ضوء العلم.

 

في علوم الأحياء:

ـ معجم الثدييات، القاهرة، 1941 وهو عمل علمي كبير.

ـ الحيتان، بحث علمي عن الحيتان، يتضمن التاريخ الطبيعي للحيتان: أسماءها الاصطلاحية وتركيبها اللغوي في اللاتينية واليونانية، مع تصنيف كامل لها.

 

في التراجم:

ـ سير ملهمة، يتضمن مائة سيرة مترجمة من سير أعلام الغرب، وخمسين سيرة مؤلفة لأعلام من الشرق.

 

في الفلسفة:

ـ نزعة الفكر الأدبي في القرن التاسع عشر.

ـ نهضة فرنسا العلمية في القرن التاسع عشر.

ـ تاريخ الفكر العربي ومقالات أخري.

ـ معضلات المدنية الحديثة، بحث اجتماعي، مع مقالات أخري.

ـ بين الدين والعلم، ترجمة عن أندرو ديكسون دايت.

ـ القانون والحرية.

ـ فك الأغلال: رأي في التربية والتعليم.

ـ حياة الروح: في ضوء العلم.. مع مقدمة تشمل رأيًا جديدًا في بقاء الشخصية بعد الموت.

ـ فلسفة اللذة والألم.

 

وكتب في الشيوعية والاشتراكية ومستقبلها عدة كتب مهمة:

ـ عصر الاشتراكية، 1947.

ـ الدين في ظل الشيوعية، 1961.

ـ الإسلام، لا الشيوعية، 1961.

ـ التكافل الاشتراكي لا الشيوعية.

 

في التاريخ:

ـ وثبة الشرق، في الانقلاب التركي عقب الحرب العالمية (الأولي).

ـ بداءة عصر البطالمة.

ـ مصر في قيصرية الإسكندر المقدوني.

ـ الحب الأول: قيصر وكليوباترا.

 

مجموعة قصص:

ـ رؤيا هناء: قصص وصور حية.

 

 

 

 

 

 

 
 

تم النشر نقلا عن موقع مدونات الجزيرة

 
 

لقراءة المقال من مدونات الجزيرة إضغط هنا

 
 

للعودة إلى بداية المقال إضغط هنا

شارك هذا المحتوى مع أصدقائك عبر :
x

‎قد يُعجبك أيضاً

أيمن نور للجزيرة مباشر: المؤرخ محمد الجوادي نموذج للمفكر المصري (فيديو)

نعى أيمن نور رئيس اتحاد القوى الوطنية المصرية، الطبيب والمؤرخ المصري محمد ...

WP Twitter Auto Publish Powered By : XYZScripts.com